وقد يذهب بنا الظن إلى أنه لا معنى لأداء أي نوع من الصلاة، وذلك بناء على افتراضات كالفن فما دام كل شيء قد تحدد بحكم الله، فليس في وسع فيض من الابتهالات أن يمحو ذرة واحدة من قدر الإنسان المحتوم. ومهما يكن من شيء، فإن كالفن أكثر إنسانية من لاهوته، فهو يقول لنا: فلنصل بتواضع وإيمان، ولسوف يتقبل الله صلواتنا، فالصلاة وتقبلها قد سبقا في حكمه أيضاً. ولنعبد الله بأداء صلوات دينية متواضعة، ولكن يجب علينا ألا ننبذ القداس، ونعتبره ادعاء من القساوسة، ينتهكون به الحرمات بتحويل مواد دنيوية إلى جسد المسيح ودمه، والحق أن المسيح موجود في القربان المقدس بروحه لا بجسده، وعبادة رقاقة الخبز المقدسة، بدعوى أن المسيح يحل فيها بجسده، هي وثنية محضة. واستخدام الصور المنقوشة للرب انتهاك صارخ للوصية الثانية، وتشجيع على عبادة الأوثان، ويجب إزالة كل الصور والتماثيل الدينية، بل والصليب من الكنائس.
والكنيسة الحقة هي جمهور المصلين غير المنظور من الصفوة، الأموات أو الأحياء أو الذين سيولدون. وتتكون الكنيسة المنظورة، من كل الذين "يعترفون معنا بنفس الرب والمسيح"(١٥)، باعتناق عقيدة، وبحياة مثالية، وبالاشتراك في مراسم التعميد والعشاء الرباني "يرفض كالفن التسليم بالمراسم الأخرى".
وليس هناك خلاص (١٦) خارج نطاق هذه الكنيسة. والدولة والكنيسة مقدستان، وقد خلقهما الله، لكي يعملا في انسجام كالروح والجسد، لمجتمع مسيحي واحد: وعلى الكنيسة أن تضع القواعد، التي تنتظم كل التفاصيل الخاصة بالعقيدة والعبادة والأخلاق، وعلى الدولة أن تدعم هذه القواعد (١٧)، باعتبارها ذراع الكنيسة الطبيعي، ويجب على السلطات الزمنية أن تكون على بصر من أن "عبادة الأوثان"(وهي ترادف إلى حد كبير الكاثوليكية في العزف البروتستانتي) و "فضائح أخرى تمس الدين يجب