"وطبقاً لهذا نؤكد بأن الرب قدر بمشيئة أزلية لا تتبدل، مَن يكتب له الخلاص، ومَن يحكم عليه بالعذاب والهلاك، ونؤكد أن هذه المشيئة، فيما يختص بالاختيار، تقوم على رحمته، التي يتغمد بها مَن يشاء، دون اعتبار لما يستحقه الإنسان، ولكن الذين حكم عليهم بالعذاب في النار أغلق دونهم باب الحياة، بمقتضى حكم عادل لا سبيل إلى نقضه، ويدق على الفهم" (١٠).
بل إن خروج آدم وحواء من الجنة، وما ترتب عليه من نتائج بالنسبة للجنس البشري في رأي بولس "فرضته مشيئة الرب العجيبة" (١١).
ويسلم كالفن بأن حتمية القدر تتنافى مع العقل، ولكنه يرد بقوله: "ليس من المعقول أن يتقاضى الإنسان هذه الأمور، التي قرر الرب أن يخفيها عنا في نفسه ويفلت من العقاب" (١٢). ومع ذلك فإنه يعترف بأنه يعترف لماذا يقرر الرب بصورة تحكمية مصير ملايين الأرواح منذ الأزل: "ذلك لكي يزيد من إعجابنا بمجده" بعرض قوته (١٣). ويوافق على أن هذا "حكم مروع" "ولكن لا يستطيع أحد أن ينكر أن الله عرف مصير الإنسان النهائي في المستقبل، قبل أن يخلقه، وأنه عرفه سلفاً، لأنه كان قد قضى به في حكمه" (١٤). وقد يجادل آخرون من أمثال لوثر بأن المستقبل قد تحدد، لأن الرب تنبأ به سلفاً وأن علمه بالغيب لا يمكن نفيه. أما كالفن فإنه يرى عكس ما تقدم، إذ أنه يعتقد أن الرب يتنبأ بالمستقبل، لأنه شاء هذا وقرره. والحكم بالعذاب الأبدي حكم مطلق، وليس هناك مطهر في لاهوت كالفن، وليس هناك منزل في منتصف الطريق، يستطيع الإنسان بعد أن يقضي فيه بضع ملايين من السنين، وهو يتعذب بالنار، أن يمحو بها سيئاته، وعلى هذا فلا محل للصلوات من أجل الموتى.