التي يعاقب عليها القانون. وأصبحت الهرطقة من جديد إهانة للرب، وخيانة للدولة، وكل مَن تثبت عليه يعاقب بالإعدام. كما أصبحت الكاثوليكية التي بشرت بهذا الحكم على الهرطقة بدورها هرطقة.
وبين عامي ١٥٤٢ و ١٥٦٤ نفذ حكم الإعدام في ثمانية وخمسين شخصاً، ونفي ستة وسبعون، بسبب مخالفتهم للقانون الجديد. وكان السحر هنا كما في أي مكان آخر جريمة يعاقب من يزاوله بالإعدام، ولقد أرسل إلى سارية الإحراق في عام واحد، وبناء على ما أشار به مجمع الكرادلة، أربع عشرة سيدة، قيل أنهن من الساحرات، بتهمة إغرائهن للشيطان، بأن يصيب جنيف بوباء الطاعون (٣٣).
ولم يميز مجمع الكرادلة إلا قليلاً بين الدين والأخلاق … كان السلوك الأخلاقي، ومثله في ذلك مثل العقيدة الدينية، يجب أن يلتزم بعناية، ذلك لأن حسن السلوك هو الهدف من العقيدة الصحيحة. وكان كالفن، وهو رجل حازم قوي المراس، يحلم بمجتمع يدين بنظام صارم، إلى حد تبرهن فضائله على لاهوته، وتجلل بالعار الكاثوليكية، التي أثمرت حياة الترف والانحلال في روما، أو تسامحت فيهما. ولابد أن يكون النظام العمود الفقري للشخصية، وأن يمكنها من أن ترقى بنفسها، من وحدة الفطرة البشرية، إلى استقامة الإنسان الذي قهر شهوات نفسه. يجب أن يكون رجال الدين قوة لغيرهم، بسلوكهم وبإدراكهم الحسي. ولهم أن يتزوجوا وأن ينجبوا، وعليهم أن يمتنعوا عن الصيد والمقامرة واللهو والتجارة وضروب التسلية الزمنية، وأن يقبلوا أن يقوم رؤساؤهم من رجال الكنيسة بجولة تفتيشية سنوية، وأن يتقصوا عن أخلاقهم.
ولتنظيم سلوك الجماهير أقيم نظام يعتمد على الزيارات المنزلية، يتلخص في أن أحد شيوخ الكنيسة أو غيره، كان يزور سنوياً كل بيت عين له في الحي، ويسأل السكان عن مراحل حياتهم كلها. وانضم مجمع الكرادلة