ولم يعدم شارل وفرانسيس من الأسباب ما يدعو إلى تبادل العداء، فقد زعم شارل، حتى قبل أن يصبح إمبراطوراً أن له الحق في أن يطالب بورغنديا لأنه حفيد ماري ابنة شارل الجسور، وأبى أن يعترف باتحاد بورغنديا مع التاج الفرنسي. وكانت ميلان من الوجهة الرسمية إقطاعية في الإمبراطوريّة، واستمر شارل في فرض الاحتلال الإسباني لنافار، وأصر فرانسيس على أن تعود إلى هنري دلبريه. وطرحت بواعث الحرب هذا السؤال العويص: مَن هو سيد أوروبا: شارل أم فرانسيس؟ وأجاب الأتراك بل سليمان.
ووجه فرانسيس الضربة الأولى، فعندما لاحظ أن شارل مشغول بثورة سياسية في أسبانيا وثورة دينية في ألمانيا أرسل جيشاً عبر جبال البرانس للاستيلاء على نافار من جديد، فهزم في حملة أهم حادث فيها هو إصابة أجناسيوس لويولا بجرح (١٥٢١). وانطلق جيش آخر جنوباً للدفاع عن ميلان، وتمرد الجند بسبب عدم دفع المرتبات، وهزمتهم الجنود الإمبراطوريّة المرتزقة هزيمة منكرة في لابيكوكا، وسارعت ميلان ترتمي في أحضان شارل الخامس (١٥٢٢) وانطلق قائد الجيوش الفرنسية لمقابلة الإمبراطور لكي يتغلب على هذه الحوادث.
وكان شارل، دوق أف بورمبون رأس أسرة قوية قدر لها أن تحكم فرنسا من عام ١٥٨٩ إلى عام ١٧٩٢. وكان أغنى رجل في البلاد بعد الملك وبين تابعيه ٥٠٠ نبيل، وكان آخر البارونات العظام الذين يستطيعون أن يتحدوا ملك الدولة المتمركزة وقتذاك. وقدم لفرانسيس خدمة جليلة في الحرب، وقاتل بشجاعة في مارنينيانو، أما في الحكم فلم يخدمه بهذا القدر إذ دفع أهالي ميلان إلى النفور منه بسبب حكمه الجائر، ولما وجد أن الملك لم يزوده بالأموال الكافية ١٠٠. ٠٠٠ من ماله الخاص، وهو يتوقع أن تسدد له، ولكنه لم يتسلم شيئاً. وكان فرانسيس ينظر بعين الارتياب والحسد إلى هذا القيل الذي يوشك أن يكون ملكاً، فاستدعاه