عمره ثماني سنوات، فقد عين لويز - وتحل محلها في حالة وفاتها - مرجريت وصية على عرش فرنسا، وأدرك شارل في الحال أن ملكاً بلا مملكة، لا يملك شيئاً يتنازل عنه، لا فائدة ترجى منه، بيد أن جلد فرانسيس من الناحية البدنية كان أقوى من شجاعته المعنوية، ففي يوم ١٤ يناير سنة ١٥٢٦ وقع مع شارل معاهدة مدريد وكانت شروطها في جوهرها هي بعينها التي عرضها الإمبراطور على لويز، بل كانت أقسى منها، لأنها اقتضت أم يسلم أكبر ابنين للملك إلى شارل رهينتين لضمان تنفيذ الاتفاقية بإخلاص، وفضلاً عن هذا فإن فرانسيس وافق على أن يتزوج إليونورا شقيقة الإمبراطور ملكة البرتغال الأرملة، وأقسم على أنه سيرجع إلى أسبانيا ليعود للسجن إذا لم ينفذ بنود المعاهدة (٥٧). ومهما يكن من شيء فإنه أودع في يوم ٢٢ أغسطس سنة ١٥٢٥ مع مساعديه وثيقة رسمية تلغي مقدماً جميع العهود والاتفاقيات والتنازلات والمخالصات وكل إلغاء وانتقاص وقسم يمكن أن يتعارض مع شرفه وصالح تاجه. وفي عشية توقيع المعاهدة ردد هذه العبارة للمفاوضين معه من الفرنسيين وأعلن أنه وقع بطريق الإكراه، والقسر والاعتقال وطول السجن، وأن كل ما تضمنته الوثيقة كان، ويجب أن يظل باطلاً ولا أثر له (٥٨).
وفي يوم ١٧ مارس ١٥٢٦ سلم نائب الملك لانوي وفرانسيس إلى المارشال لوتريك على ظهر نقالة مليئة في نهر بيداسوا، الذي يفصل إيرون الأسبانيّة عن هنداي الفرنسية، وتسلم لانوي بدلاً منه الأميرين فرانسيس وهنري. ومنحهما أبوهما بركة ودمعة، وهرع إلى الأرض الفرنسية. وهناك قفز على ظهر جواد وصاح في ابتهاج "ها أنذا ملك من جديد؟ " وركب إلى بايون حيث كانت لويز ومرجريت في انتظاره وأمضى في بوردو وكونياك ثلاثة شهور قضاها في اللهو والرياضة ليسترد صحته وشغل نفسه بحب صغير. ولم لا؟ ألم يعش عاماً عيشة الرهبان؟ وكانت لويز التي