للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى ما لا نهاية. فقد بلغت الأمم درجة من النمو لا يمكن عندها تسوية خلافاتها الاقتصادية أو مصالحها السياسية بنزال فردي أو بجيوش صغيرة من المرتزقة التي كانت تقوم بلعبة الحرب في إيطاليا إبان عصر النهضة، ولا شك أن الطريقة الحديثة لحسم الأمور بالتنافس في التدمير قد اتخذت شكلها في هذا النزاع بين آل هامسبورج وفالوا (١).

واقتضى الأمر أن تتصدى امرأتان لتلقين الحاكمين فن السلام وحكمته، فقد اتصلت لويز أميرة سافوي بمرجريت النمسوية نائبة الملك في الأراضي المنخفضة، واقترحت عليها أن يتخلى فرانسيس، المتلهف على عودة ابنيه، عن كل مطالبه في الفلاندرز وارنوا وإيطاليا وأن يدفع فدية قدرها ٢. ٠٠٠. ٠٠٠ كارون ذهبي، لإطلاق سراح ولديه، على ألا يتنازل أبداً عن بورغنديا، وأقنعت مرجريت ابن أخيها بإرجاء مطالبته ببورغنديا وأن ينسى مطالب الدوق بوربون، الذي مات وقتذاك في الوقت المناسب.

وفي ٣ أغسطس عام ١٥٢٩ وقعت المرأتان ومعاونوهما الدبلوماسيون معاهدة صلح السيدات في كامبراي، وحصلت الفدية من التجارة والصناعة ودم فرنسا، ونعم بالحرية من جديد أميرا البيت المالك بعد أربع سنوات من الأسر، وعادا بقصص تروى عن المعاملة القاسية التي أثارت فرانسيس وفرنسا. وبينما وجدت المرأتان القديرتان سلاماً دائماً- مرجريت عام ١٥٣٠


(١) كانت المبارزة في العصور الوسطى بمثابة إجراء مشروع تجيزه الملكية أو القضاء ويشرفان عليه يحتكم به الخصمان إلى الله. وأصبحت في القرن السادس عشر بمثابة دفاع فردي وخاص عن الشرف المهبض. وتطورت قوانينها الصارمة الخاصة بها خارج قوانين الدولة، وأسهمت إلى حد ما في تطوير قواعد السلوك المهذب والضبط الحصيف للنفس. وكانت المبارزة مصرحاً بها قانوناً في فرنسا بعد عام ١٥٤٧، وظل الرأي العام يجيزها. أما في انجلترا فلم تكن تمارس في عهد اليزابث، وعلى أي حال فإن الاحتكام إلى المبارزة ظل مشروعاً هناك حتى عام ١٨١٧.