للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكان شارل وقتذاك مطلق اليد في التغلب على البروتستانت في ملبرج وقد صوره نيسيان هناك، وهو لا يشكو من داء النقرس، فخوراً منتصراً، منهوكاً متعباً بعد ألف من التقلبات ومائة من انقلابات عجلة الحظ الساخرة.

أما فرانسيس فقد انتهى أمره وانتهت معه كذلك فرنسا أو كادت، وهو إلى حد ما لم يفقد شيئاً سوى الشرف، وقد حافظ على بلادة بتعجل ترك المثل العليا للفروسية، ومع ذلك فقد كان يمكن قدوم الأتراك دون أن يوجه الدعوة إليهم، وقد أعان مجيئهم فرانسيس على كبح جماح الإمبراطور الذي لو لم يجد مقاومة، لنشر محكمة التفتيش الأسبانيّة في الفلاندرز وهولندة وسويسرا وألمانيا وايطاليا، وقد وجد فرانسيس فرنسا تنعم بالسلام والرخاء، وتركها مفلسة على حافة حرب أخرى. وقبل وفاته بشهر، وبينما كان يقسم مؤكداً صدقاته لشارل، أرسل ٢٠٠. ٠٠٠ كراون إلى البروتستانت في ألمانيا لتأييدهم ضد الإمبراطور (٦٣)، وهو- وأقل درجة من ذلك شارل- يتفق في الرأي مع مكيافيلي بأن رجال السياسة الذين من واجبهم الحفاظ على بلادهم، يمكنهم مخالفة القانون الأخلاقي الذي يطالبون به مواطنيهم الذين لا هم لهم إلا الحفاظ على أرواحهم. وقد يغتفر له الشعب الفرنسي حروبه ولكنه لم يستسغ حلاوة أبهة مناهجه وبلاطه عندما أدرك فداحة الثمن. وكان قد فقد شعبيته فعلاً عام ١٥٣٥.

وواسى نفسه بالاستمتاع بالجمال حياً وميتاً، وقد اتخذ في أواخر سني حياته من فونتنبلو مقراً أثيراً له وأعاد بناءه وابتهج بالفن الأنثوي الرشيق الذي كان الإيطاليون يزينونه به، وأحاط نفسه بفرقة صغيرة من النسوة الصغيرات اللاتي كن يمتعنه بطلعاتهن البهية ومرحهن. وأصيب عام ١٥٣٨ في عاصمته بمرض وبدأ منذ ذاك يتلعثم تلعثماً مخجلاً، وحاول أن يعالج ما كان على الأرجح مرض الزهري بأقراص الزئبق، التي وصفها له