والقسوة؟ وكيف يتأتى لنا، نحن الذين نغضب من وخز محنة نتعرض لها، أن نفهم رجلاً جمع في عقله وفي شخصه عاصفة الإصلاح الديني الإنجليزي وثقله، وحرم شعبه بخطوات محفوفة بالمخاطر من ولاء جذوره عميقة، ومع ذلك لابد أنه كان حرياً بأن يشعر في روحه المنقسمة بدهشة مفتتة - أحرر أمة أو مزق شمل المسيحية؟
كان الوسط الذي عاش فيه هو الخطر وكذلك السلطة. ولم يكن في وسعه قط أن يعرف المدى الذي يصل إليه أعداؤه، أو متى ينجحون. وفي عام ١٥٣٨ أمر بالقبض على سير جيوفري بول شقيق ريجينالد. وخشي جيوفري أن يتعرض للتعذيب، فاعترف بأنه هو وشقيق آخر يدعى لورد مونتاجو، وسير ادوار فيفيل والمركيز والمركيزة أف إكستر كانوا يتبادلون رسائل تنطوي على خيانة الدولة مع الكاردينال. وظفر جيوفري بالصفح أما إكستر ومونتاجو وآخرون عديدون فقد شنقوا وشطروا إلى أربعة أقسام (١٥٣٨ - ٣٩)، وأما ليدي اكستر فقد سجنت، ووضعت الكونتيسة أف سالزبوري، والدة بول واخوته الأشقاء تحت الحراسة. وعندما زار الكاردينال شارل الخامس في طليطلة (١٥٣٩) يحمل له طلباً لا طائل تحته من بول الثالث يرجو فيه من الإمبراطور أن ينظم إلى فرانسيس في تحريم التجارة مع إنجلترا (٤٣)، انتقم هنري بالقبض على الكونتيسة، التي كانت وقتذاك في السبعين من عمرها، ولعله كان يأمل بالاحتفاظ بها في البرج، أن يكبح جماح الكاردينال للغزو. كان كل شيء عادلاً في لعبة الحياة والموت.
وبعد أن ظل هنري عامين دون أن يتزوج أمر كرومويل أن يبحث له عن حلف بالمصاهرة يقوي سلطانه ضد شارل. فنصح كرومويل بالزواج من أخت زوجة الأمير المختار لساكسونيا، وشقيقة الدوق أف كليفس الذي كان وقت ذاك على خلاف مع الإمبراطور. وآلى كرومويل على نفسه