أن يتم هذا الزواج الذي كان يعلق عليه آمالاً بتكوين حلف من الولايات البروتستانتية آخر الأمر، وبهذا يجبر هنري على إلغاء المواد الست المناهضة للوثر. وأرسل هنري المصور هولبين لرسم صورة للسيدة، ولعل كرومويل أضاف بعض التعليمات للفنان، وجاءت الصورة، ورأى هنري أنها محتملة، فهي تبدو حزينة، لا تشجع في الصورة التي رسمها هولبين، والمعلقة في متحف اللوفر، ولكن تقاطيعها ليست أقل وضوحاً من جين سيمور التي رققت لحظة من قلب الملك.
وعندما جاءت آن بشحمها ولحمها، ووقعت أنظار هنري عليها (أول يناير سنة ١٥٤٠) مات الحب لدى أول نظرة. وأغمض عينيه وتزوجها، وتضرع مرة أخرى أن يرزقه الله بإبن يوطد به وراثة العرش في آل تيودور إذ كان مظهر الأمير إدوارد وقتذاك يدل على ضعفه الجسماني. ولكنه لم يصفح قط عن كرومويل.
وأمر بالقبض على وزيره الذي أفاده أكثر من أي وزير آخر بعد أربعة شهور زاعماً غلطه وفساده. ولم يكن يعترض عليه، فقد كان كرومويل تابعاً يحظى بأكبر نصيب من الكراهية في إنجلترا - بسبب أصله ووسائله وخسته وثروته. وطلب في سجن البرج أن يوقع بيانات يعارض فيها صحة الزواج. وأعلن هنري أنه لم يكن قد قدم "رضاه الباطني" عن الزواج، وأنه لم يدخل بزوجته قط. واعترفت آن بأنها لا تزال عذراء ووافقت على بطلان الزواج، مقابل معاش يوفر لها سبيل الراحة. وكرهت أن تواجه أخاها، فاختارت أن تعيش وجيدة في إنجلترا، وكان لها عزاء صغير في أنها دفنت في مقابل دير وستمنستر عند وفاتها (١٥٥٧). وقطعت رأس كرومويل يوم ٢٨ يوليو سنة ١٥٤٠.
وفي اليوم نفسه تزوج هنري من كاثرين هوارد، البالغة من العمر