وكانت ماري مريضة طوال ذلك الشتاء الأول الذي قضته في هاتفيلد (١٥٣٤)، وتحطمت أعصابها بسبب الإهانة والخوف وكادت تشرف على الموت جسماً وروحاً على غير كره منها. ثم رق لها الملك ومنحها بعض محبته إلى حين، ونعمت بوضع ميسور في باقي أيام حكمه. ولكن طلب منها أن توقع إقراراً بسيادة هنري الكنسية وبأن "زواج أمها من قبيل سفاح ذوى القربى" وبأن ميلادها غير شرعي (٢٥) وذلك ثمناً لهذه الرقة القاسية.
وتأثر جهازها العصبي على الدوام بهذه المحن، و"كانت عرضة لأن تشكو من قلبها (٢٦) " وظلت صحتها ضعيفة حتى آخر يوم في حياتها. وعاودتها شجاعتها عندما أعلن المجلس النيابي في عهد حماية سومرست أنها ولية العهد. ولقد نشأت عقيدتها الكاثوليكية، في طفولتها مشبعة بحرارتها الاسبانية، وقويت بما أثارته حياة أمها ومماتها في نفسها من ألم، وكانت عوناً ثميناً لها في أحزانها، فرفضت أن تتخلى عنها عندما حومت على حافة السلطة، وعندما أمرها مجلس الملك أن تكف عن سماع القداس في حجراتها (١٥٤٩) لم تذعن لأمره. وأغضى سومرست عن مقاومتها، ولكن سومرست سقط، وصدق أخوها الملك على الأمر، وأرسل ثلاثة من خدمها إلى سجن البرج بسبب تجاهله (١٥٥١)، وأخذ منها القس الذي رتل لها القداس، ووافقت آخر الأمر على أن تكف عن ممارسة الشعيرة المحبوبة. وعندما تحطمت روحها طلبت من سفير الإمبراطور أن يدبر لها الهرب إلى القارة، ورفض الإمبراطور الحذر أن يجيز الخطة، وخاب فألها.
وجاءت لحظة انتصارها أخيراً عندما عجز نورثمبرلاند عن أن يجد رجلاً يحارب ضدها، ولم يطلب الذين أقبلوا المدججين بالسلاح لمناصرة قضيتها أي أجر، بل إنهم أحضروا معهم مؤنهم، وعرضوا عليها ثرواتهم لتمويل الحملة. وعندما دخلت لندن كملكة (٣ أغسطس سنة ١٥٥٣) هبت تلك المدينة نصف البروتستانتية للترحيب بها بالإجماع. وجاءت اليزابث تمشي على