تحول البروتستانت بالحجة فنظمت مناظرة عامة بين علماء اللاهوت المتعارضين في الرأي، ولكنها تبخرت في جدل مرير عقيم. وبعد ذلك بوقت قصير قذف واعظ الأسقف بونر بخنجر انطلق من جمهور استاء من وعظه الكاثوليكي، وأنقذه من الموت اثنان من رجال الدين البروتستانت (٣٢). وراع ماري تسامحها فأمرت (١٨ أغسطس سنة ١٥٥٣) بعدم التصريح بعظات تتعلق بالعقائد إلا في الجامعات، وذلك إلى أن يتيسر اجتماع المجلس النيابي وينظر في المشكلات التي أثارها النزاع بين العقائد. وأمر كرانمر، وكان لا يزال رئيساً للأساقفة، بملازمة قصره في لامبث، فرد على ذلك بمهاجمة القداس ووصفه بأنه "كفر بغيض"، وحكم عليه هو ولاتيمر بالسجن في البرج (سبتمبر سنة ١٥٥٣). أما ريدلي أسقف لندن الذي كان قد وصف ماري وإليزابث معاً بأنهما ابنتا سفاح فكان قد ذهب إلى سجن البرج قبل ذلك بشهرين. وعلى الجملة فإن سلوك ماري في هذه الشهور الأولى من حكمها فاق في اللين والتسامح سلوك غيرها من عظماء الحكام في عصرها.
وكانت المشكلات التي واجهتها حرية بان تقهر امرأة تفوقها كثيراً من الذكاء والفطنة. وصدمت بالارتباك والفساد السائدين في الإدارة وأمرت بوقف الفساد، غير أنه أخفى رأسه ولم ينقطع. وضربت مثالاً حسناً بتخفيض نفقات الأسرة الملكية، وتعهدت بتثبيت قيمة العملة، وتركت انتخابات المجلس النيابي حرة لم تتأثر بأي نفوذ ملكي. وكانت الانتخابات الجديدة "أعدل انتخابات حدثت منذ سنوات (٣٣) "، ولكن تخفيضها للضرائب ترك دخل الحكومة أقل من مصروفاتها، ولكي تحصل على الفرق فرضت ضريبة صادر على القماش وضريبة وارد على الأنبذة الفرنسية وأدت هذه الإجراءات التي كان ينتظر أن تساعد الفقراء إلى نكسة تجارية. وحاولت أن توقف نمو الرأسمالية بتحديد عدد ما يملكه أي فرد بنول أو اثنين. ونددت بـ "القماشين الأغنياء" بسبب دفعهم أجوراً منخفضة وحظرت دفع