واستشعار الخطر، وكان له صداه فيما اتسم به عهدها المتأخر من قسوة عندما ساورها بشأن ماري ستيوارت نفس القلق الذي كان يساور ماري تيودور وقتذاك حول اليزابث. وفي ١٨ مايو نقلت مَن أصبحت ملكة في الأيام التالية إلى وود ستوك حيث عاشت مطلقة السراح في معتقل تحت الرقابة. وأدى خوف ماري من مؤامرة أخرى تدبر لتولية اليزابث على العرش إلى أن تتعجل ماري الزواج أملاً في أن تحظى في الأمومة.
ولم يكن فيليب متلهفاً إلى هذا الحد. وتزوج ماري يوم ٦ مارس سنة ١٥٥٤ بطريق الوكالة ولكنه لم يصل إلى إنجلترا قبل يوم ٢٠ يوليو، ودهش الإنجليز وسرهم أن يجدوه شخصاً يمكن احتماله بدنياً واجتماعياً: وجه غريب مثلث الشكل تقريباً ينحدر من جبهة عريضة إلى ذقن مدبب يزينه شعر أصفر ولحية، ولكه يمتاز بخلق كريم وبديهة حاضرة ومواهب تصلح لأي شيء، ولم يبدِ أي إيماءة بأنه هو وحاشيته يعدون الإنجليز برابرة. بل إنه قال كلمة رقيقة في صالح اليزابث، ولعله كان يتنبأ بأن ماري ربما لا ترزق بذرية وأن اليزابث قد تكون يوماً ملكة، وذلك يكون شراً أهون من أن ترتقي ماري ملكة الإسكوتلنديين - التي ارتبطت منذ عهد بعيد بفرنسا - عرش إنجلترا. وعلى الرغم من أن ماري كانت أكبر سناً بكثير من فيليب فإنها تطلعت إليه بإعجاب ساذج، وكانت متعطشة إلى الحب طوال سنوات عديدة، فابتهجت وقتذاك لفوزها بأمير ساحر وقوي إلى هذا الحد، ومنحته نفسها بإخلاص لا شك فيه إلى حد أن الحاشية تساءلت هي أصبحت إنجلترا بالفعل تابعة لإسبانيا، وكتبت لشارل الخامس في تواضع رسالة تقول فيها إنها:"أسعد مما أستطيع التعبير عنه لأني في كل يوم أكتشف في زوجي الملك من الفضائل العديدة وصفات الكمال ما يدفعني باستمرار إلى أن أتضرع إلى الله أن يهبني العون لأسعده (٤١) ".