وكانت رغبتها في أن تلد ابناً لفيليب وولي عهد لإنجلترا، عارمة استغرقت كل اهتمامها إلى حد أنها سرعان ما تصورت أنها حامل. ولقي انقطاع الطمث عندها وقتذاك ترحيباً، باعتباره شارة ملكية، وألجم الأمل ألسنة مَن خطر لهم أن تلك الحالة حدثت لها كثيراً من قبل. وتقبل الناس الاضطرابات الهضمية على أنها أدلة أخرى على الأمومة، وأبلغ سفير البندقية أن "حلمتي" الملكة قد انتفختا ودر ثدياها لبناً. وابتهجت ماري وقتاً طويلاً عندما راودتها فكرة أنها أيضاً يمكن أن تحمل طفلاً شأنها في هذا شأن أفقر امرأة في مملكتها، ولا نستطيع أن نتصور مدى تعاستها عندما أقنعها أطباؤها آخر الأمر أن انتفاخ بطنها إنما حدث بسبب الاستسقاء. وفي غضون ذلك كانت شائعات حملها قد اكتسحت إنجلترا وأقيمت الصلوات ونظمت المواكب من أجل ولادتها السعيدة، وسرعان ما انتشرت شائعة بأنها أنجبت ولداً. وأغلقت الحوانيت ابتهاجاً واعتبر اليوم عطلة واحتفل الرجال والنساء في الشوارع، وقرعت نواقيس الكنائس وأعلن أحد رجال الدين أن الطفل "أشقر وجميل" كما يليق بأمير (٤٢). وتحطمت ماري من الإحباط والخجل فانزوت شهوراً عن أنظار الجمهور.
وشعرت بالعزاء إلى حد ما بعودة الكاردينال بول إلى إنجلترا. وكان شارل قد أخر بول عن السفر في بروكسل لأنه عارض الزواج الاسباني، أما وقد تم هذا الزواج فإن اعتراضات الإمبراطور هدأت، وعبر الكاردينال القناة بصفته قاصداً رسولياً (٢٠ نوفمبر سنة ١٥٥٤) إلى البلاد التي كان قد تركها منذ اثنين وعشرين عاماً، وقوبل بترحيب حار من الموظفين ورجال الأكليروس والشعب أثبت الرضا العام عن تجديد العلاقات مع البابوية. وحيا ماري بعبارة تكاد تكون منتقاة من معجمه: "السلام عليك يا مريم، الممتلئة بالنعمة، الرب معكِ، أنت مباركة بين النساء Ave Maria, gratia Plena Dominus tecum, benedicta tu in mulieribus وكان على ثقة