فترة معلومة قبل ذلك في خدمة أبيها، فمثلاً خدم يعقوب لأبانَ في سبيل زواجه من "لِيحة" و "راشيل" لكن الخطيب كان أحياناً يقتضب الأمر باصطناعه للقوة الصريحة الغاشمة؛ وكان من حسنات الرجل ومميزاته أن يأخذ زوجته من أهلها قسراً، فذلك يجعل منه أمةً رخيصة من جهة، كما يستولدها عبيداً من جهة أخرى، وهي إذا ما ولدت له هؤلاء الأطفال العبيد، ازدادت بعبوديتها له صلةً وربطا؛ ومثل هذا الزواج الذي يتم بطريق الاغتصاب، لم يكن القاعدة الشاملة، لكنه كان يقع في العالم البدائي حيناً بعد حين، فالنساء عند هنود أمريكا الشمالية جزء من أسلاب الحرب، ولقد كان هذا السبي للنساء من الشيوع بحيث ترى الأزواج وزوجاتهم في بعض القبائل يتكلمون لغات مختلفة، فلا يفهم الزوج لغة زوجته ولا الزوجة لغة زوجها؛ ولبث السلاف في الروسيا والصرب يأخذون بزواج الاغتصاب أحياناً حتى القرن الماضي (١)؛ ولا تزال آثار هذه العادة قائمة في قيام العريس بدور المغتصب لعروسه في بعض احتفالات الزواج؛ وعلى كل حال فقد كانت نتيجة طبيعية لما كان بين القبائل من حروب كادت لا تنقطع، كما كانت بداية طبيعية للحرب الناشبة بين الجنسين التي لا تسكن بالمهادنة إلا فترات قصيرة، ولا تنام فتنتها إلا نوماً قلقاً بغير أحلام.
فلما زادت الثروة بات أيسر على الخطيب أن يدفع لوالد العروس هدية ثمينة- أو مبلغ من المال- ثمناً لابنته، من أن يخدم عشيرةً غير أهله للحصول عليها، أو يخاطر بما عسى أن يترتب على اغتصابها من قتال وإراقة للدماء؛ ونتيجة ذلك أن اصبح الزواج بالشراء تحت أشراف الوالدين، هو القاعدة
(١) يظن بريفو Briffault أن الزواج بالاغتصاب كان مرحلة انتقال من نظام الأسرة التي تسودها الأم إلى النظام التربوي في الأسرة، ذلك أن الرجل لما رفض العيش مع عشيرة زوجته اضطرها إلى العيش بين أهله، ويرى "ليبر" Lippert أن الزواج من إمرأة غريبة عن الأسرة كان بديلاً سلمياً لزواج الاغتصاب كما تطورت السرقة بالتدريج إلى تجارة.