الصدقات على الفقراء والكنيسة، ولفظ الأخيرة وكله أمل وثقة في الدار الآخرة.
وعملت الكنيسة الروسية على تقوية الورع عن طريق فن العمارة والرسوم الحائطية والأيقونات والعظات القوية وحفلات التنويم المغناطيسي، والترانيم التي يشترك في إنشادها عدد كبير من المرتلين، والتي كانت تبدو وكأنها تخرج من أخفى أعماق النفس أو المعدة، وكانت الكنيسة لساناً قوياً ناطقاً باسم الدولة، وتثاب على الخدمات التي تؤديها في تعليم الآداب والأخلاق وتقويم السلوك وتوطيد دعائم النظام الاجتماعي بأوفى مثوبة. وكانت الأديرة كثيرة ضخمة. من ذلك أن "دير الثالوث الأقدس" الذي أسسه القديس سرجيوس في سنة ١٣٣٥، كان قد جمع في عام ١٦٠٠ من الأراضي الشاسعة ما يحتاج إلى أكثر من مائة ألف فلاح لزرعها. وفى مقابل ذلك وزعت الأديار الصدقات على الروس، وكان بعضها يطعم ٤٠٠ شخص في اليوم، وفي إحدى سنوات القحط كان دير فولوكولامسك Volokolamsk يطعم سبعة آلاف شخص يومياً. وكان الرهبان يقطعون على أنفسهم عهداً بالتزام العفة، ولكن الكهنة كانوا يضطرون إلى الزواج. وكان معظم هؤلاء "الآباء" أميين، ولكن الشعب لم يكن يعيب عليهم ذلك. وكان مطارنة موسكو في معظم الأحوال أكثر أهل زمانهم كفاية ومقدرة وعلماً، وكانوا يبذلون ثرواتهم للحفاظ على الدولة، ويوجهون الأمراء على طريق الوحدة الوطنية. وكان سانت ألكسيس هو الحاكم الفعلي لروسيا طوال توليه منصبه (١٣٥٤ - ١٣٧٠). إن الكنيسة الروسية بكل أخطائها التي ربما تكون قد فرضتها عليها مهامها- نقول إن هذه الكنيسة في عصر التكوين والتشكيل هذا، كانت بمثابة العامل الأبرز والأهم في تمدين الشعب الذي صبرته وحشياً مصاعب الحياة وضراوة طبيعة الانسان ذاته.