وحين رفضت الكنيسة الروسية في ١٤٤٨ اندماج الكنيسة اليونانية مع الكاثوليكية الرومانية في مجلس فلورنسة، أعلنت استقلالها عن البطريرك البيزنطي، وبعد ذلك بسنوات خمس حين سقطت القسطنطينية في يد الأتراك، أصبحت موسكو عاصمة المذهب الأرثوذكسي. وحوالي ١٥٠٥ كتب راهب متحمس إلى أمير عظيم في موسكو "اعلم الآن أن سلطان المسيحية بأسرها قد آل إليك، لأن روما الأولى وروما الثانية (يقصد روما والقسطنطينية) قد سقطتا، أما الثالثة فهي صامدة، ولن يكون هناك رابعة، لأن إمبراطوريتك المسيحية سوف تدوم إلى الأبد"(٤).
وكادت الكنيسة أن تكون النصير أو الراعي الوحيد للآداب والفنون، ومن ثم كانت هي التي توجهها. ولم تكن أجود الآداب مدونة. وكانت أغاني الشعب رددتها ألسنة الناس من جيل إلى جيل هي التي تذيع وتمجد قصص حبهم أو أعراسهم أو أحزانهم أو فصولهم أو اعيادهم أو موتاهم، وكان هناك أناشيد مألوفة لقديسين مرموقين وأبطال قدامى ومآثر أسطورية، مثل مآثر سادكو Sadko تاجر نفجرد. وكان المكفوفون والعرج يطوفون بالقرى ينشدون مثل هذه الأغاني والأناشيد والتراتيل المقدسة. وكان كل الأدب المكتوب تقريباً مقصوراً على الأديرة، وكان يخدم الأغراض الدينية.
وكان الرهبان هم الذين وصلوا عندئذ برسم الأيقونات إلى فن كامل، فكانوا يأتون بلوحة صغيرة من الخشب، مغطاة بالقماش أحياناً، ينشرون عليها طبقة لزجة ومن ثم يرسمون عليها الصورة ويضعون الألوان، ثم يغطونها بالطلاء ويضعونها في إطار معدني. وكانت الموضوعات تحددها السلطات الدينية، أما الأشكال والسمات فكانت تقتبس من النماذج البيزنطية، وعادوا بها أدراجهم في تطور مستمر عبر فسيفساء القسطنطينية إلى رسوم الاسكندرية الهلينستية. وأحسن أيقونات هذا العصر هي صورة لا يعرف