وكانت عاصمتها فلاديمير غنية نسبياً، كما طمع في ذلك ميكائيل أمير تفر Tver. واقتتل الفريقان للحصول على الجائزة فكانت الغلبة لموسكو، وقتل ميكائيل وضم إلى قائمة القديسين. ونمت موسكو، واتخذ إيفان الأول، أخر يوري لقبي أمير موسكو العظيم، ودوق فلاديمير العظيم.
وكان إيفان الأول، بوصفه جامعاً للجزية الروسية لحساب خان التتار، يتقاضى أكثر مما كان يرسله أو يحوله، ومن ثم أثرى وازدهر بطريقة شريرة مؤذية. وجعله جشعة للمال ينبز بلقب " Kalita" ومعناه "حقيبة المال". ولكنه بذلك حمى الامارات من حملات التتار لمدة ثلاث عشرة سنة نعمت فيها بالهدوء. وتوفي إيفان سنة ١٣٤١ على أنه راهب حليق شعر الرأس، وأطلقوا من حوله بخور القداسة. وورث عنه ابنه سيميون المتكبر ميله إلى جمع الضرائب. ولما كان يدعى السلطان على كل الولايات فإنه أطلق على نفسه اسم الأمير الأعظم على كل الروس، ولكن هذا لم يحل بينه وبين الموت بالطاعون (١٣٥٣)، وكان إيفان الثاني حاكماً وديعاً يؤثر السلام، وفي عهده اجتاحت روسيا حرب قتل فيها الأخ أخاه. وتميز ابنه ديمتري بكل الصفات التي تتطلبها الحرب والقتال، فهزم كل منافس له وتحدى خان التتار. وفي ١٣٨٠ جميع ماماي خان جيشاً من التتار والمرتزقة الجنوبيين وغيرهم من المتعطلين المتشردين، وتقدم به نحو موسكو. وقابل ديمتري وحلفاؤه الروس هذا الجحفل عند كوليكوفو Kulikovo قرب نهر الدون وأنزلوا به الهزيمة (١٣٨٠)، وفاز بلقب دونسكوى Donskoi وعاود التتار الكرة بعد عامين بمائة ألف رجل، ولكن الروس، وقد غرتهم وأرهقتهم نشوة النصر، لم يستطيعوا أن يواجهوا التتار بقوة مماثلة. واستولى التتار على موسكو، وذبحوا أربعة عشرة ألفاً من السكان وأحرقوا المدينة برمتها. وعقد فاسيلى الأول، ابن ديمتري، صلحاً مع التتار، وضم نجنى نفجرد، وأرغم نوفجورود وفياتكا على قبوله أميراً عليها.