وصار إيفان الثالث هو (العظيم)، لأنه هو الذي أنجز هذه المهمة، ووحد روسيا. لقد خلق للشدائد، وكان مجرداً من المبادئ الخلقية، لا يتورع عن شىء، حاد الذهن ماكراً حذراً عنيداً قاسياً، وكان يقود جيوشه إلى النصر على مسافات بعيدة، وهو مستقر في مكانه في الكرملين، وكان يعاقب على العصيان أو العجز والقصور عقاباً وحشياً، بأن يعذب أو يضرب بالسياط أو يبتر أطراف حتى أعضاء المجلس، أو يقطع رأس طبيب أخفق في علاج ابنه، وهكذا بمثل هذه الصرامة كان يسيطر على حاشيته، حتى أن النساء ليغمى عليهن لمجرد نظرة منه. وأطلقت عليه روسيا اسم "الرهيب" حتى التقت بحفيده.
وكانت إمارة نفجرد أيسر فتوحاته، وكان ينظر في تطلع جشع إلى هذه السوق المزدهرة الخاضعة للضريبة، ولقد حرضه تجار موسكو على القضاء على منافسيهم في الشمال (٧). وسيطر الأمير العظيم على السهول الممتدة بين موسكو ونفجرد، حيث كانت الجمهورية التجارية تشتري المواد الغذائية اللازمة لها وتبيع بضاعتها، ولم يكن على إيفان إلا أن يغلق هذا المخزن المورد للحبوب وتلك السوق، لكى تقع المدينة الدولة في ضائقة وتفلس، أو تخضع وتستسلم. وبعد ثمان سنوات توالت فيها الحرب والهدنة، تنازلت الجمهورية عن استقلالها (١٤٧٨) ونقل ٧٠٠٠ من صفوة سكانها إلى سوزدال، وطردت عصبة الهانسا، وورث تجار موسكو أسواق نفجرد، وورث أميرهم دخلها.
وما أن ضم إيفان مستعمرات الجمهورية المندثرة حتى بسط حكمه على فنلندة والمنطقة المتجمدة والأورال. وخضعت بسكوف في الوقت المناسب حفاظاً على الأشكال الجمهورية فيها تحت سيادة الأمير العظيم. وتلمست تفر أسباب الحماية عن طريق التحالف مع لتوانيا، ولكن إيفان سار إلى المدينة بنفسه واستولى عليها دون أن يضرب ضربة واحدة، وتبعتها روستوف Rostov