ريجا، ولكنه يجري عبر ليفونيا المعادية. ولم تكن منابع دوينا والفلجا بعيدة بعضها عن بعض، ومن ثم يمكن ربط النهرين بقنوات، وهنا، يحكم "القدر المقدور" كان الطريق المائي الذي يمكن أن يعوض روسيا عن عدم تناسب أراضيها المترامية الأطراف مع سواحلها وثغورها، ومن ثم يمكن أن يتصل بحر البلطيق ببحر قزوين والبحر الأسود، كما يمكن أن يلتقي الشرق والغرب. وفي تبادل السلع والأفكار قد يستطيع الغرب أن يسدد شيئاً من دينه الثقافي القديم للشرق.
وعلى ذلك فإن إيفان في سنة ١٥٥٧ ابتكر ذريعة لمهاجمة ليفونيا، وأرسل إليها بجيش تحت قيادة شاه على، الذي كان أخيراً خان التتار على كازان. واجتاح الجيش البلاد بطريقة وحشية، فأحرق الدور والمحاصيل، واستبعد الرجال واغتصب النساء حتى الموت. وفي ١٥٥٨ استولى جيش روسي آخر على نارفا التي تبعد عن البلطيق بثمانية أميال. واستنجدت ليفونيا اليائسة ببولندة والدانمارك والسويد وألمانيا، وارتعدت أوربا الوسطى بأسرها فزعا من مشهد الطوفان السلافي الذي وصل إلى الغرب، كما وصل في القرن السادس إلى نهر الألب. واستثار ستيفن باثوري حمية البولنديين وقادهم إلى الانتصار على الروس عند بولتسك (١٥٨٢). ولما حلت الهزيمة بإيفان سلم ليفونيا إلى بولندة.
وقبل هذه النكسة الحاسمة بزمن طويل، كان اخفاق حملات إيفان قد أدى إلى الثورة في الداخل، حيث كان التجار الذين كان إيفان يسعى إلى إثرائهم بفتح طرق جديدة للتجارة، قد فقدوا صوابهم بسب هذه الحرب المدمرة الباهضة التكاليف. وعارض النبلاء هذه الحرب لأنها لا بد أن توحد بين دول البلطيق، بسلاحها المتفوق، ضد روسيا التي ما زالت إقطاعية في تنظيمها السياسي والعسكري. وفي أثناء الحرب وفيما قبلها كان إيفان قد ارتاب في مؤامرات النبلاء ضد عرشه، وفي اثناء مرض كاد يقضي عليه