للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أرض، فقد كانوا على استعداد لتأييد إيفان مقابل الضياع التي منحهم إياها. واقتطع جزء من هذه الأراضي من أملاك التاج، والجزء الأكبر منها من أملاك النبلاء الثوار التي صودرت. وبنهاية عصر إيفان كانت هذه "الممتلكات المستقلة - أوبرشنينا" تشمل نصف روسيا تقريباً، وكثيراً من موسكو وأهم طرق التجارة. وكان هذا الانقلاب مماثلاً لما حاوله بطرس الأكبر بعد ذلك بمائة وخمسين عاماً: الارتفاع بطبقة جديدة إلى السلطة السياسية، والارتقاء بالتجارة والصناعة في روسيا. وفي مثل هذا القرن الذي كانت فيه القوة العسكرية كلها من الوجهة العملية في قبضة الأستقراطية، تطلب المشروع شجاعة مفرطة في القيصر الذي لم يتزود إلا بجنده الخصوصيين، وبالتأييد الهزيل الذي لا يعتد به من جانب والجماهير. ويؤكد لنا بعض المعاصرين أن إيفان - في هذه الفترة الدقيقة - وهو آنذاك في سن الخامسة والثلاثين، كان يمثل ابن العشرين (١١)

واتخذ إيفان آنذاك الاسكندروفسك مقراً دائماً، وحولها إلى قلعة محصنة. وربما كان التوتر الذي انتابه بسبب ثورته ضد النبلاء بالاضافة إلى الاخفاق في الحرب الطويلة الأمد مع ليفونيا، سبباً في اعتلال عقله الذي لم يكن قط كامل الاتزان. ولقد ألبس حراسه غفارات سوداء، وهي لباس الكهنة، وقلنسوات ضيقة، وأطلق على نفسه لقب رئيس الرهبان، ورتل مع فرقة المرتلين، وشهد معهم القداس يومياً، وكم خر ساجداً أمام المذبح في حماسة حتى تكررت إصابات جبهته بالكدمات. وزاد هذا من الفزع الذي بثه في روسيا التي بدأت تحس نحوه بمزيج من التبجيل له والاشفاق عليه، وحتى أفراد "الطبقة المنفصلة" Oprichnikii كانت تمثل أمامه في ذله وخشوع حتى أطلق عليهم أنهم حاشيته أو بلاطه.

واقترن انقلاب إيفان بالارهاب، شأنه في ذلك أى انقلاب آخر، وقبض على معارضيه وأعدموا دون شفقة أو رحمة، وجاء عرض