ولكن لم يمس فيه بسوء. وبعده دخل أحد خدم القيصر الكاتدرائية وقبض على المطران وساقه إلى أحد السجون في تفر. ولا يعلم مصيره علم اليقين، ولكن الكنيسة الروسية تؤيد القول بأنه أحرق حياً. وفي ١٦٥٢ ضم إلى قائمة القديسين، وبقيت رفاته حتى ١٩١٧ موضع إجلال وتبجيل في كنيسة صعود العذراء.
وظلت الكنيسة تنتج معظم الأدب والفن في روسيا. ودخلت الطباعة في سنة ١٤٩١، ولكن اقتصر المطبوع طوال هذا العهد على كتب الصلوات وكان زعيم العلماء آنذاك هو المطران مكاريوس، الذي شرع في ١٥٢٩، بمعونة بعض السكرتيرين في جمع ما تبقى من آداب بلده في اثنى عشر مجلداً ضخماً، ومرة أخرى نرى أن معظمها كان دينياً تماماً، وفي الكثير الغالب يتعلق بالأديار ووقائع التاريخ حسب ترتيب حدوثها. وألف سلفستر معلم الاعتراف لايفان كتاباً مشهوراً هو "كتاب الأسرة"، بمثابة دليل للاقتصاد المنزلي والسلوك، والخلاص الأبدي، وإنا لنلحظ فيه حث الزوج على أن يضرب زوجته برفق، وتعليمات دقيقة لآداب البصق والمخاط (١٦). ولم يكن إيفان نفسه، كما تدل رسائله، أقل كتاب هذا العصر براعة وقوة.
وكان أروع إنتاج فني روسي في عهد إيفان هو كنيسة "بازل المبارك" التي لا تزال قائمة بعيداً عن الكرملين في أحد أطراف الميدان الأحمر. ولدى عودة القيصر من حملاته الظافرة ضد كازان وأستراخان (١٥٥٤) شرع في بناء ما أسماه كاتدرائية "شفاعة العذراء" وهي التي نسب إليها انتصاراته بحكمة. وحول هذا المقام المتوسط من الحجر، شيدت فيما بعد سبعة معابد من الخشب خصصت لقديسين كان إيفان قد تغلب على أعدائه في أيام أعيادهم. وتوج كل معبد منها بقية رشيقة مزدانة بالرسوم، وكانت القباب كلها بصلية الشكل، وإن اختلفت زخرفة كل منها. وأضفى آخرها وهو