من هذا الحافز في تأملهم للعذراء وهي ترضع طفلها؛ إن العادة تزيل الفحش عن أي شيء، والزمن يخلع القداسة على أي شئ؛ ويظهر أن الناس قد نسوا الرمزية الجنسية في هذه الأشياء منذ زمن طويل، ولم تعد هذه الأوثان الآن إلا وسائل تقليدية مقدسة تمثل لهم قوة شيفا (٥٨)؛ ولعل الفرق بين تصور الأوربي وتصور الهندي للأمر منشؤه الفارق بين سن الزواج في أوربا وسن الزواج في الهند؛ فالزواج المبكر ينفس عن تلك الدوافع الطبيعية التي إن طال أمد كبحها، دارت على نفسها وأنتجت إما دعارة وأما حباً عذرياً؛ وعلى وجه الجملة تجد الأخلاق والعادات الخاصة بالعلاقات الجنسية في الهند أعلى منها في أوربا وأمريكا، وهي هناك أكثر منها هنا احتشاماً وعفة بدرجة كبيرة، وعبادة شيفا هي من أكثر العبادات في الهند تزمتاً وتقشفاً، وأخلص عُبَّاد "اللنجا" عقيدةٌ هم "اللنجايات"، وهم يمثلون أشد مذاهب الهند تزمتاً وطهراً (٥٩)، يقول غاندي:"جاءنا أضيافنا الغربيون آخر الأمر يفتحون أعيننا لجوانب الفحش التي في طقوسنا، بعد أن كنا نمارسها حتى عهدهم ممارسة بريئة؛ لقد عرفت لأول مرة أن "شيفا لنجام" ترمز إلى فاحشة، من كتاب لمبشر مسيحي"(٦٠).
إن استخدام الهنود "للنجا" و "اليوني" ليس إلا صورة واحدة من ألوف الصور في طقوسهم التي تبدو للعين العابرة الغربية عن البلاد، لا مجرد صورة للديانة الهندية، بل جزءاً أساسياً من صميم لبابها؛ ذلك لأن كل فعل من أفعال الحياة، حتى الغسل ولبس الثياب، له عندهم طقوسه الدينية؛ وفي كل دار يسكنها متدينون ترى آلهة خاصة بأهل تلك الدار، تمثل لهم أشياء معينة، كما ترى أسلافاً يضعونها موضع التكريم كل يوم؛ والواقع أن الديانة للهندي واجب يؤدى في الدار أكثر مما يؤدى في مراسم المعابد التي يحتفظون بها لأيام الأعياد؛ ومع ذلك فالناس يمرحون مرحاً عظيماً في الأعياد الدينية الكثيرة التي تملأ السنة الكهنوتية، فكانوا يسيرون مواكب عظيمة أو أفواجاً من