والكافر هنا بطبيعة الحال هو المسيحي. وبدا في بعض الأحيان لحافظ أن "الإله " ما هو إلا شيء اختلقته آمال الإنسان:
"وهذا الذي يسوقنا في هذه الأيام التي تمر كوميض البرق،
هذا الذي نعبده رغم معرفتنا بمن يفنيه أو يذبحه،
أنه هو نفسه قد يتولاه الحزن والأسى، لأننا حين نفترق
سيختفي هو أيضاً في هذا اللهيب نفسه" (١٥).
ولما مات حافظ كانت عقيدته مشكوكاً فيها، وكان مذهب المتعة عنده لاصقاً به إلى حد الاعتراض على تشييع جنازته في احتفال ديني، ولكن أصدقاءه أنقذوا الموقف بتفسير أشعاره بالمجاز والاستعارة. وجاء بعد ذلك جيل دفن رفاقه في حديقة أطلقوا عليها "الحافظية" تزدان بورود شيراز، وتحققت نبوءة الشاعر بأن قبره سيكون "مزاراً يحج إليه عشاق الحرية من جميع أنحاء العالم". وعلى لوح مقبرة حافظ المصنوع من المرمر نقشت إحدى قصائده، وهي عامرة بالروح الدينية العميقة أخيراً. وفيها:
"أين أنباء الوحدة؟ حتى أنهض
من التراب، سوف أصحو لأرحب بك!
إن نفسي مثل الطائر الزاجل، حنيناً منها إلى الجنة،
سوف تصحو وتتوجع من شرور العالم التي أطلقت من عقالها.
وعندما يهتف بي صوت حبك لأكون عبداً لك
سوف أصحو إلى ما هو أعظم كثيراً من السيادة
على الحياة والعيش، والزمن والعمر الفاني.
صب يا إلهي من سحب نعمتك الهادية
شآبيب الرحمة التي تسرع إلى قبري
قبل أن أنهض، مثل التراب الذي تذروه الرياح من مكان إلى مكان،
إلى ما وراء علم الإنسان.