سعياً وراء الطهر والخلاص، يرفعون أذرعهم نحو السماء المقدسة، ويصيحون في نغمة الصابرين:"أوم، أوم، أوم" وأصبحت بنارس هي المدينة المقدسة للهند، إذ باتت كعبة لملايين الحجاج، يؤمها الشيوخ من الرجال والعجائز من النساء، جاءوا من كل أرجاء البلاد ليستحموا في النهر. حتى يستقبلوا الموتى برآء من كل إثم أطهاراً من كل رجس؛ إن الإنسان ليأخذه الخشوع، بل يأخذه الفزع، حين يتذكر أن أمثال هؤلاء الناس قد حجموا إلى بنارس مدى ألفي عام، وغمسوا أنفسهم في مياهها وهم يرتعشون من لذعة البرد في فجر الشتاء؛ وشموا بنفس متقززة لحم الموتى وهو يحترق، فعلوا كل ذلك وهم يفوهون بنفس الدعوات التي كان يقينهم أن تجاب، فعلوا كل ذلك قرناً بعد قرن، توجهوا بالدعاء إلى نفس الآلهة التي لبثت على صمتها؛ لكن عد استجابة إله من الآلهة لا يحول دون تعلق القلوب به، فلا تزال الهند تعتقد اليوم بنفس القوة التي كانت تعتقد بها في أي عصر مضى، في الآلهة الذي لبثوا كل هذا الزمن ينظرون إلى فقرها وبؤسها فلا تأخذهم من أجلها الرحمة.