المرأة بهذا الشكل الحساس، يمكن أن يطلب إلينا اجتنابها اللهم إلا بين الفينة والفينة.
وفي جرأة عوض عنها ما تمخضت عنه تجاسر جامي فعالج، شعراً من جديد، الموضوعات الأثيرة لدى اثنى عشر من الشعراء قبله: يوسف وزليخة، ليلى والمجنون، وفي تصدير فصيح يعيد تقرير النظرية الصوفية: نظرية الجمال الإلهي والجمال الدنيوي:
في "القفر البدائي"، حيث لم تعط الحياة أية علامة على
وجودها، ورقد الكون مختبئاً منكراً نفسه، كان ثمة شيء.
إنه الجمال المطلق يظهر نفسه لنفسه فقط، وبنوره هو وحده.
مثل أجمل النساء في غرفة زفافها المحفوفة بالأسرار، كان ثوبها نقياً
لا تشوبه أية شائبة، ولم تعكس أية مرآة وجهها، ولم يمر
المشط قط بخصلات شعرها، ولم يحرك النسيم العطر قط شعرة
واحدة منها، ولم يأو قط أي عندليب على صفحة خدها الوردي ..
ولكن الجمال لا يطيق أن يبقى مجهولاً. انظر إلى زهرة التوليب
فوق قمة الجبل، وهي تنفذ في الصخر فرعها الغض لأول بسمة
من بسمات الربيع … كذلك الجمال الأبدي أتى من الأماكن المقدسة
للأسرار ليشع في كل الآفاق وفي كل النفوس، وثمة شعاع واحد
انطلق من هذا الجمال الأبدي، واخترق الأرض والسموات، ومن ثم
تكشف وظهر في مرآة المخلوقات. وأصبحت كل ذرات الكون
بمثابة مرايا تعكس كل منها ناحية من نواحي العظمة الأبدية.
وسقط شيء من تألقها على الوردة والعندليب، فأصابهما شيء
من جنون الحب البائس واتقدت حماستهما ناراً، وجاء ألف من
الفراشات لتهلك في اللهب، وهي التي أضفت على قمر كنعان لمعانه
الساطع الذي أصاب زليخة بالجنون (٤١)