وفي قرى الريف وفي قصور المدن أخرجت الثروة جمالاً، ونعمت قلة محظوظة بقرب أشياء تغري اليدبلمسها، وتغري العين بالنظر إليها.
وكان المسجد لا يزال مجمع الفن الإسلامي. فالطوب والقرميد أكسبا المئذنة جمالاً شاعرياً، وأبواب الخزف المزخرف جعلت من ضوء الشمس ألواناً براقة، وأبرز المنبر الأشكال المتعرجة المحفورة أو التطعيم المعقد في الخشب، ووجهت فخامة المحراب قلوب المصلين إلى مكة. وقدمت المصبعات والثريات مشبكاتها المعدنية إجلالاً وولاء لله. وجعل السجاد من الأرض البلاط مكاناً ليناً وهيأ لركبتي المصلى سجوداً وثيراً. وغلفت المصاحف المذهبة بالحرير الثمين. وعجب كلافيجو "من المساجد الجميلة المزدانة بالآجر الأزرق والذهبي (٤٣) "، وفي أصفهان أقام أحد وزراء أولجايتو في مسجد الجمعة محراباً بات فيه الجص العادي من مفاتن الزخرفة العربية والنقش. وشيد أولجايتو نفسه في "سلطانية " ضريحاً فخماً (١٣١٣) أراد أن ينقل إليه رفات على والحسين (كان الخان أولجايتو شيعيا). ولكن خطته أخفقت إخفاقاً محموداً، فإن عظام الخان ووريت الترب في هذا الضريح المهيب. وتتسم أطلال المسجد في فارامين (١٣٢٦) بالضخامة والجلال.
وأولع تيمور بالبناء، وسرق أفكار العمارة، كما سرق الفضة والذهب من ضحايا أسلحته. وآثر الضخامة بوصفه فاتحاً، وكأنما هي ترمز إلى إمبراطوريته وإلى إرادته، ومثل محدثي الثراء أغرم باللون وأسرف في الزخرفة،. وافتتن بالآجر الأزرق المطلي في هراة، فاستقدم خزافين من فارس إلى سمرقند ليكسوا بالطوب اللامع واجهات المساجد والقصور في عاصمته، وسرعان ما أشرقت المدينة وتألقت بالخزف الفخم. ولحظ في دمشق قبة بصلية الشكل تنبعج فوق القاعدة ثم يستدق طرفها إلى أعلى حتى يصبح مدبباً، فأمر مهندسيه أن يأخذوا تصميمها وأبعادها قبل أن