للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما أن هؤلاء الذين يقيمون الصلاة في تلك المساجد لا يستهويهم كثيراً اجتراءاتنا القوطية أو الصور الحسية في عصر النهضة، على أنه جدير بنا مع ذلك أن نتأثر ونحن وقوف على أطلال الجامع الأزرق في تبريز (١٤٣٧ - ١٤٦٧) ونستعيد في الذاكرة الفخامة التي اشتهر بها يوماً خزفه الأزرق المزخرف وزخرفته العربية الذهبية، كما لا يغيب عن أذهاننا أن محمد الثاني وبايزيد الثاني شيدا في القسطنطينية (١٤٦٣ - ١٤٩٧) مساجد تكاد تنافس عظمة كنيسة أياصوفيا. وقد اقتبس العثمانيون التصميمات البيزنطية والأبواب الفارسية والقباب الأرمينية وأفكار الزخرفة الصينية، ليشكلوا مساجدهم في بروسه ونيقيا ونيقوميديا وقونيه. لقد كان الفن الإسلامي لا يزال في أوجه في هندسة العمارة على الأقل.

وثمة فن واحد فحسب استطاع أن ينهض وبصمد أمام فن العمارة في الإسلام: (كما صمد داود أمام جوليات - التوراة، صموئيل الأول، الإصحاح ١٧: ٤، ٤٩). فربما حظي الخطاطون ورسامو المنمنمات الصابرون الذين زخرفوا الكتب بأصغر وأدق زخارف وصور وخطوط رمزية بالفرشاة أو القلم - ربما حظي هؤلاء بنصيب من التكريم والإجلال أكثر مما حظي به بناة المساجد. وقد رسمت صور الأشخاص، ولم يبق منها إلا قليل. وامتثل العثمانيون علانية لتعاليم الكتاب المقدس والقرآن في تحريم نحت الصور الشخصية، ولكن محمد الثاني استقدم جنتيل بلليني من البندقية إلى القسطنطينية (١٤٨٠) ليرسم صورته، وهي المعلقة الآن في المتحف الوطني في لندن. كما توجد نسخ من صورة زعموا أنها لتيمور. على أن المغول الذين اعتنقوا الإسلام، بصفة عامة، آثروا تقاليد الفن الصيني على المحظورات التي جاءت بها الشريعة الإسلامية. فأدخلوا من