ومتباعدة. وثمة منمنمتان في دار الكتب المصرية بالقاهرة تمثلان "بستان سعدي" وتعرضان حلقة لبعض رجال الدين يتدارسون فيها أسراره. وتحمل المخطوطة تاريخ سنة ١٤٨٩، أما العبارة المكتوبة في نهايتها فتقول "رسمها العبد المذنب بهزاد". ويضم متحف فرير في واشنطن صورة "شاب يرسم"، وهي نسخة منقولة عن جنتيل بلليني وقعها بهزاد، وفيها تكشف الأنامل الرقيقة عن الفنانين الرسام والمرسوم كليهما. وليس من المحقق كثيراً أنه هو الذي رسم المنمنمات الموجودة في المتحف البريطاني؛ وهي نسخة مخطوطة "المنظومات الخمس" للشاعر نظامي، وفي نفس الخزانة توجد مخطوطة "ظفر نامه" أي سجل انتصارات تيمور.
ومن العسير أن تفسير هذه البقايا شهرة بهزاد المنقطعة النظير. إنها تنم على إدراك حسي للأشخاص والأشياء، وعلى حرارة اللون ومداه، وعلى حيوية في التنفيذ تشملها جميعاً دقة رقيقة في التخطيط. ولكنها لا تكاد توازن بالمنمنمات التي رسمت لدوق بري Berry، قبل ذلك بقرن من الزمان تقريباً، ومع ذلك فإن معاصري بهزاد أحسوا بأنه كان قد أحدث انقلاباً في الزخرفة بنماذجه الأصلية في التأليف، ومناظره الطبيعية الزاهية وصور شخوصه المفصلة بعناية والتي تكاد تقفز إلى الحياة. وعنه قال المؤرخ الفارسي خواندمير الذي كان يقارب الخمسين من العمر حين مات بهزاد (حوالي ١٥٢٣)، ربما بدافع التحيز لصداقته له:"إن براعته في التصوير والتصميم قد طمست ذكرى غيره من مصوري العالم. إن أنامله الموهوبة بمزايا خارقة محت صور سائر الفنانين من بني آدم"(٤٨). وجدير بنا أن يهذب من ثقتنا أن نفكر ملياً في أن هذا قد كتب قبل يرسم ليوناردو دافنسي "العشاء الأخير" ويرسم ميكل أنجيلو "سقف كنيسة سستين"، وقبل أن يرسم رافائيل "غرف الفاتيكان: ". ومن المحتمل أن خواندمير لم يكن قد سمع بأسمائهم قط.