للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وانحط فن الخزف في هذه الحقبة عما كان عليه في عهد سلاجقة الري وكاشان. أما مدينة الري فقد تركتها الزلازل وغارات المغول أثراً بعد عين، وأما كاشان فقد خصصت معظم أفرانها لصناعة الطوب. على أن مراكز جديدة للخزف قامت في سلطانية ويزد وتبريز وهراة وأصفهان وشيراز وسمرقند، وكان الخزف المزخرف الفسيفسائي آنذاك هو الإنتاج المفضل: فصنعت بلاطات صغيرة من الخزف، رسمت كل منها بلون معدني واحد، وطليت فأصبحت ذات بريق يتطلب أشد العناية لبقائه. وحين كان حماة الفن في يسر وثراء استخدم البناءون الفرس هذا الخزف المزخرف، لا للمحاريب والزخرفة فحسب، بل استخدموه كذلك في تغطية سطوح كبيرة من أبواب المساجد أو جدرانها، وثمة نموذج أخاذ في محراب مسجد بابا قاسم (حوالي ١٣٥٤) في متحف متروبوليتان للفن في نيويورك.

واحتفظ صناع المعادن في الإسلام بمهارتهم، فصنعوا الأبواب والثريات البرونزية للمساجد من بخاري إلى المغرب (مراكش)، ولو أن شيئاً منها لم يضارع تماماً "أبواب الجنة" التي صنعها جيبر Ghiberti (١٤٠١ - ١٤٥٢) في بيت المعمودية بفلورنسه، وقد صنعوا أحسن أسلحة العصر- الخوذات المخروطية الشكل لكي تجعل الضربات الهاوية تنحرف، والدروع من الحديد البراق مطعمة بالفضة والذهب والسيوف المرصعة بالنقوش الذهبية أو الأزهار المصنوعة من الذهب. كما صنعوا النقود الجميلة، كما صنعوا الرسوم النافرة أو الميداليات الكبيرة مثل تلك التي عليها صورة جانبية لمحمد الفاتح البدين القصير، وشمعدانات برونزية كبيرة حفر عليها الخط الكوفي الفاخر أو الأشكال الزهرية، كما صبر وزينوا المباخر ومحفظة الكتابة والمرايا وعلب الجواهر والمجمرات والقوارير والأباريق والطشوت والصواني، بل حتى المقص والفرجار كانوا يزينونها بالنقوش بطريقة فنية. ومثل هذا التفوق مشهود به للفنانين والصناع المهرة