الخمسة" مراراً متقاربة، وأن يعيش معتمداً على صدقات المحسنين؛ وتنص القاعدة البرهمية على أنه "لا بد أن ينظر إلى الناس على أنهم سواسية، فلا يتأثر بأي شيء مما يحدث، وأن تكون له القدرة على النظر إلى الأشياء نظرة هادئة لا يعرف هدوءها معنى الاضطراب، حتى إن بلغ الأمر حد الثورات التي تثل العروش؛ وغايته الوحيدة ينبغي أن تكون حصوله على ذلك القدر من الحكمة ومن الروحانية الذي يمكّنه في نهاية الأمر من الاتحاد بالربوبية العليا، تلك الربوبية التي تفصلنا عنها شهواتنا العاطفية وبيئاتنا المادية" (١).
وإنك لتصادف أحياناً وسط هذا التدين صوتاً شكاكاً يرتفع كصرير النشاز في نغمات الحياة الهندية التي تسودها استكانة التسليم؛ لا شك أن الشُكّاك كانوا كثيرين حينما كانت الهند غنية، لأن الإنسانية تزداد تشككاً في آلهتها ازدياداً يبلغ أقصاه في حالات ازدهارها المادي، وتزداد لها تعبداً ازدياداً يبلغ غاية مداه حين يعمها البؤس؛ ولقد أسلفنا القول في فئة "شارفاكا" وغيرهم من زنادقة العصر البوذي؛ وهنالك مؤلف يكاد يساوي في قدمه ذلك العصر، وهو يسمى - على طريقة الهنود في تطويل الأسماء- "شواسا مْفِديُوبانشاد" الذي يبسّط اللاهوت في أربع قضايا:
(١) أن ليس هناك عودة للروح إلى تجسيد جديد، ولا إله ولا جنة ولا نار ولا عالم.
(٢) وأن كل الكتب الدينية التقليدية من تأليف جماعة من الحمقى المغرورين.
(١) ويضيف إلى ذلك "دبوا" الذي يرتاب في كل شئ إلا فيما يعتقد هو فيه: "إن أغلب هؤلاء الزاهدين ينظر إليهم على أنهم نصابون، وذلك هو ما يراه فيهم أكثر مواطنيهم تنورا"