الذين ظلوا في هذا العصر يزينون جدران كنائسهم وأديارهم باللوحات الجصية، فنرى مانويل بانسلينوس- الذي ربما استعار بعض الحوافز من الصور الحائطية الإيطالية في عصر النهضة- قد زين بالجص كنيسة بروتاتون على جبل آثوس (١٥٣٥ - ١٥٣٦)، برسوم أكثر انطلاقاً وجرأة ورشاقة من رسوم العصور البيزنطية. واستقدم السلاطين فنانين من الغرب والشرق- جنتيل بالليني من البندقية، وشاه فالى، ووالي جان، وهما من رسامي المنمنمات في فارس الهرطوقية. وفي التربيعات المطلية لم يكن الأتراك في حاجة إلى مساعدة خارجية، فقد استخدموها إلى درجة تبهر الأبصار، واشتهرت مدينة ازنيق (بآسيا الصغرى) بصناعة الخزف، وتخصصت أشقودرة وبروسة، وهيريك في آسيا الصغرى في المنسوجات، فقد ترك البروكار (المقصبات) والقطيفة- بما فيهما من رسوم الأزهار في اللونين القرمزي والذهبي- التي أخرجتها هذه المدن، أثراً شديداً وانطباعاً قوياً في رسامي البندقية والفلاندرز. وكان السجاد التركي يعوزه البريق الشاعري الذي تميز به السجاد الفارسي، ولكن طرزه الفخمة وألوانه الدافئة أثارت الإعجاب في أوربا. وقد أغرى كلبير ملكيه لويس الرابع عشر بأن يأمر النساجين الفرنسيين بتقليد بعض قطع السجاد في القصر السلطاني في تركيا. ولكن دون جدوى، لأن تفوق المسلمين في هذه الصناعة ظل بعيداً عن متناول المهارة الغربية.
وبلغ الفن التركي ذروته في مساجد القسطنطينية (لم يطلق على المدينة اسم اسطنبول رسمياً إلا في سنة ١٩٣٠). ففي تاريخ فارس أو التاريخ الإسلامي، لم يضارع عظمة عاصمة سليمان، حتى ولا مدينة مشهد مع فخامة عمائرها المزدحمة، ولا أصفهان في عصر الشاه عباس، ولكن ربما ضارعتها برسوبوليس على عهد كورش. فإن مساجد الآستانة اقتسمت مع الله غنائم العثمانيين في انتصاراتهم، وهي آثار تعبر، في وقت معاً، عن