واشتهر ببسالته ولباقته وكرمه، واستخدمت خوريم كل مواهبها وتأثيرها في تحطيمه، وألقت في روع سليمان أن مصطفى يحاول أن يكسب شعبية، تطلعاً منه إلى انتزاع العرش. واتهم رستم باشا الشاب بأنه يتودد سراً إلى الانكشارية ليقفوا إلى جانبه، وساور الشك السلطان المنهوك الذي كان آنذاك في التاسعة والخمسين من عمره، وزاد ارتيابه، ثم تولاه العجب، وأخيراً آمن بصحة ما زعموا، فذهب بنفسه إلى إرجلي Eregli، ودعا مصطفى إلى خيمته، وما أن ظهر حتى عاجله بضربة أودت بحياته (١٥٥٣). عند ذاك وجدت خوريم ورستم باشا أن من اليسير إغراء السلطان بقتل ابن مصطفى لئلا يحاول الثأر لأبيه، وعين سليم ابن خوريم أميراً ووريثاً للعرش، وماتت خوريم راضية مطمئنة (١٥٥٨)، ولكن بايزيد، وهو أخو سليم، الذي وجد أن مصيره المحتوم هو الذبح، أعد جيشاً يتحدى به أخاه، واشتعلت نيران الحرب الأهلية، وهزم بايزيد وفر إلى فارس (١٥٥٩). ولكن الشاه طهماسب، لقاء ثلاثمائة ألف دوكات من سليمان ومائة ألف من سليم، سلم المناضل من أجل العرش، وشنق بايزيد (١٥٦١)، كما أعدم أبناؤه الخمسة محافظة على الأمن الاجتماعي. ويروى أن السلطان المتألم توجه إلى الله بالشكر والحمد على موت هذه الذرية المزعجة، وعلى أنه يستطيع الآن أن يعيش في سلام (٥٣).
ولكن السلطان وجد السلام أمراً لا يحتمل، وأطال التفكير فيما ترامى إليه من أنباء تقول بأن فرسان القديس يوحنا الذين اقتلعهم من رودس، عادت إليهم قوتهم في مالطة، وأنهم كانوا ينافسون قراصنة الجزائر في غاراتهم الضارية وفكر السلطان ملياً، وهو آنذاك في سن الحادية والسبعين، هل في الإمكان أن تصبح مالطة جزيرة إسلامية، ومن ثم يكون البحر المتوسط حرماً آمناً للمسلمين. وفي أبريل ١٥٦٤ أرسل أسطولاً مكوناً من ١٥٠ سفينة عليها ألف رجل ليستولوا