على الجزيرة ذات الموقع الاستراتيجي. وقاتل الفرسان ببسالتهم المعهودة تحت قيادة الداهية البارع جان دي لافالت، واستطاع الأتراك الاستيلاء على حصن سانت إلمو بتضحية ستة آلاف رجل، ولم يستولوا على شيء بعده، وأرغمهم وصول الجيش الإسباني على رفع الحصار.
وما كان السلطان العجوز المهيب، سليمان القانوني، ليختم حياته بهذه الخاتمة المرة. وكان مكسيمليان الثاني الذي خلف فرديناند على عرش الإمبراطورية قد منع الجزية التي تعهد الوالد بدفعها للسلطان، وهاجم المخافر الأمامية التركية في هنغاريا، وقرر السلطان القيام بحملة أخرى فقط، وصمم على أن يقودها بنفسه (١٥٦٦). وسار بمائة ألف رجل عبر صوفيا ونيش وبلغراد، وفي ليلة ٥ - ٦ سبتمبر، وفي أثناء حصار حصن زيجتفار، أسلم السلطان الروح، وهو منتصب في خيمته. وكان مثل فاسبازيان، مزهواً بنفسه إلى حد لا يرتضي معه أن يموت وهو راقد. وفي ٨ سبتمبر سقط الحصن،، ولكن الحصار كلف الأتراك حياة ٣٠ ألفاً من الرجال. وكان الصيف مدبراً، فعقدت الهدنة، وعاد الجيش أدراجه حزيناً مغموماً إلى القسطنطينية لا يحتمل معه النصر بل جثمان الإمبراطور.
هل ينبغي لنا أن نصدر على سليمان حكماً ونضعه في المرتبة التي يستحقها؟ إننا إذا قارناه بنظرائه في الغرب لوجدناه في بعض الأحيان أكثر تمدناً وحضارة، وفي أحيان أخرى أكثر همجية ووحشية. ومن بين الحكام الأربعة الكبار في هذا النصف الأول من القرن السادس عشر، يستوقف نظرنا فرانسوا على أنه أكثرهم تمدناً وحضارة، على الرغم من غروره المتهور واضطهاداته المترددة، على أنه مع ذلك نظر إلى سليمان على اعتباره حاميه وحليفه الذي بدونه كان يمكن أن يحطم، إن سليمان حالفه في صراعه الذي استمر طوال حياته مع الغرب. فالحق أن الإمبراطور مكسيمليان الثاني استأنف دفع الجزية للباب العالي ١٥٦٨؛ وأن شارل الخامس