كان قد أوقف تقدم السلطان عند فيينا، ولكن أي جيش مسيحي جرؤ على الاقتراب من القسطنطينية؟ لقد كان سليمان سيد البحر المتوسط، وبدا لبعض الوقت أن روما ظلت مسيحية لأنه هو وبربروسه سمحا بذلك. أن السلطان حكم إمبراطوريته حكماً صالحاً يتسم بعدم التحيز، ولكن كان نجاحه أكبر بكثير من شارل المسكين الذي كان يناضل ضد تمزيق ألمانيا بين الأمراء، وكان سليمان حاكماً مطلقاً مستبداً، بحكم العرف الذي لا نزاع فيه وبرضا شعبه، فهل حظي استبداد هنري الثامن في إنجلترا أو شارل في إسبانيا بمثل هذا الحب والثقة من الشعب؟ وكان شارل لا يكاد يكون قادراً على إصدار حكم الإعدام على ابنه لمجرد الارتياب في خيانته، ولكن شارل في شيخوخته كان يرسل الصيحات مطالباً بدم الهراطقة، واستطاع هنري أن يبعث بالزوجات وبالكاثوليك وبالبروتستانت إلى المشنقة أو المحرقة، دون أن يتخلف وجبة واحدة عن طعامه. أما التسامح الديني عند سليمان، ولو كان محموداً، فإنه بالمقارنة، يصم مثل هذا إعدام بوصمة الهمجية والوحشية.
لقد شن سليمان حروباً كثيرة، وذبح نصف ذريته، وأمر بذبح وزير مبدع دون إنذار أو محاكمة، إنه ارتكب الأخطاء التي تلازم السلطة المطلقة غير المحدودة، ولكنه كان أعظم وأقدر حكام عصره دون منازع.