اقل الأحوال شقاء في إيطاليا المستنيرة. وفي نابلي سعدوا بصداقة روبرت ملك أبحو، وازدهروا في أنكونا وفيرارا وبادوا والبندقية وفيرونا ومانتوا وفلورنسه وبيزا وغيرها من خلايا النهضة. قال إرزم ١٥١٨ "يوجد في إيطاليا كثير من اليهود، ولكن لا يكاد يوجد في أسبانيا مسيحيون (٤) ". وكانت إيطاليا تقدر التجارة والموارد المالية تقديراً عظيماً، ومن ثم كان لليهود الذين تولوا هذه المرافق الضرورية فيها شأن كبير، باعتبارهم دعامة حافزة منشطة في الاقتصاد. أما ما كان يطلب من اليهود قديماً من وضع شارة أو ارتداء لباس مميز فقد تجاهله الإيطاليون في شبه الجزيرة بصفة عامة، وارتدى اليهود الموسرون زي الإيطاليون من مثل طبقتهم، والتحق الشباب اليهودي بالجامعات، وتزايد عدد المسيحيين الذين يدرسون العبرية.
وبين آونة وأخرى كان بعض رجال الدين المسيحي الذين يبغضون اليهود، مثل القديس يوحنا أوف كاببسترانو، قد يهيج حفيظة سامعيه، ليطالبوا بالتطبيق الكامل للقوانين الكنسية المتشددة الخاصة بالتجريد ضد اليهود. ولكن على الرغم من أن كابسترانو كان يلقى تأييداً من البابا يوجينيوس الرابع والبابا نيقولا الخامس، فإن تأثير بلاغته كان تأثيراً عابراً في إيطاليا. وهاجم راهب آخر من طائفة الفرنسيسكان هو برناردينو أوف فلتر، اليهود مهاجمة صاخبة عنيفة، إلى حد أن السلطات المدنية في ميلان وفرارا وفلورنسه أمرته بالتزام الصمت أو الرحيل. ولما عثر على طفل في سن الثالثة ميتاً بالقرب من بيت أحد اليهود في ترنت (شمال إيطاليا) في سنة ١٤٧٥، أعلن برناردينو أن اليهود قتلوه، فألقى الأسقف بكل يهود ترنت في السجن، واعترف بعضهم تحت وطأة التعذيب بأنهم ذبحوه وشربوا من دمه، باعتبار أن هذا من طقوس عيد الفصح عندهم. واحرق كل يهود ترنت حتى الموت، وحفظ جثمان الطفل "سيمون الصغير"، وعرض على أنه "بقايا مقدسة"، وحج آلاف من السذج المؤمنين إلى المزار الجديد،