كتاب قصة الحضارة

اليهود - ٢ - على السفود - ج: 26 - ص: 147

في أسبوع الآلام، (احتياط حكيم ضد عنف المسيحيين)، أضف إلى ذلك أنه لا يعتد قانوناً بشهادة اليهود ضد المسيحي. وشكا يوجينيوس من أن بعض اليهود افتروا على يسوع ومريم في أحاديثهم. ويحتمل أن هذا كان صحيحاً (٣٢). فإن الكراهية تولد الكراهية. وأصدر يوجينيوس بعد ذلك موسوماً آخر يقضي بأنه وجد يهودي يقرأ التلمود، فلابد من مصادرة أملاكه. وفوض البابا نيقولا الخامس القديس يوحنا كابسترانوا (١٤٤٧) ليراقب أن كل مادة في هذا التشريع المذل توضع يده على ممتلكات أي يهودي تولى علاج فرد مسيحي (٣٣).

وعلى الرغم من كل هذه المراسيم كان سلوك جمهور المسيحيين مع اليهود يتسم بتلك الروح الطيبة التي تسيطر على كل الناس تقريباً، رجالاً ونساء. بل وعلى الحيوانات، إذا لم يعترض سبيلهم أو يمس مصالحهم شيء. ولكن من الجائز أن يوجد في معظم الجماعات أقلية لا تتورع عن ممارسة أعمال القسوة إذا أمكن القيام بها مع الإفلات من العقوبة بصفة جماعية. ومن هذا القبيل جماعة "الباستير"، وقد نشئوا كرعاة مرتبطين بالأرض المقدسة، وجذبوا أنظار الدهماء من الناس لدى مرورهم بفرنسا (١٣٢٠)، فقد عقدوا العزم على قتل كل من يصادفهم من اليهود الذين رفضوا التعميد. وفي تولوز اعتصم نحو ٥٠٠ من اليهود بأحد الأبراج، فحاصرهم حشد هائج من الغوغاء، وخيروهم بين التعميد أو الموت، وحاول محافظ المدينة عبثاً إنقاذهم. ولما أدرك اللاجئون أن المقاومة ضرب من المحال، أمروا نفراً من الأقوياء فيهم بأن يذبحوهم. وقيل إنهم جميعاً بهذه الطريقة لقوا حتفهم فيما عدا واحداً، عرض الإبقاء على حياته، مع الإذعان للتعميد، ولكن الحشد الثائر مزقه إرباً. وبمثل هذه الطريقة استأصل نحو ١٢٠ جالية يهودية في جنوب فرنسا وشمال أسبانيا ولم يخلفوا وراءهم إلا بقية معدمة (٣٤). وفي ١٣٢١ أحرق في شينون