١٢٠ يهودياً بتهمة تسميم الآبار (٣٥)، وفي ١٣٣٦ أعلن أحد المتعصيين الألمان أنه تلقى الوحي من عند الله يأمره بقتل اليهود ثأراً لموت المسيح، فجمع حوله نحو خمسة آلاف من الفلاحين، أطلقوا على أنفسهم اسم Armleder نسبة لشريط من الجلد ربطوه حول أذرعهم، وجلسوا خلال الألزاس وأراضي الراين، وقتلوا كل يهودي عثروا عليه. واجتاحت حمى القتل بافاريا وبوهيميا ومورافيا والنمسا (١٣٣٧) وحاول البابا بندكت الثاني عشر وقفها دون جدوى، ولكن في راتسبون وفيينا فقط أمكن حماية اليهود بطريقة فعالة، أما في الأماكن الأخرى فقد عذب الآلاف من اليهود وقتلوا (٣٦).
وكان الموت السود كارثة خاصة حلت باليهود في العالم المسيحي. لقد أودى الطاعون نفسه بحياة المغول والمسلمين في آسيا، وهناك لم يفكر أحد في إلقاء اللوم على اليهود، ولكن في أوربا الغربية حيث جن جنون الأهالي لهول الوباء وما أحدثه من دمار، اتهم اليهود بتسميم الآبار في محاولة لاستئصال المسيحيين. ونسج الخيال المسعور كثيراً من التفاصيل. فقيل بأن يهود طليطلة أرسلوا رسلهم بصناديق ملآى بالسم الذي صنعوه من السحالي والعظاءات (نوع من الزواحف) وقلوب المسيحيين، إلى جميع الجاليات اليهودية في أوربا، مع توجيهات بإلقاء هذه السموم المركزة في الآبار والعيون. ودمغ الإمبراطور شارل الرابع هذا الاتهام بالسخف الذي لا يعقل، وكذلك فعل البابا كليمنت السادس (٣٧)، وأيد كثيرون من عمد المدن والمجالس البلدية هذا الرأي، ولكن ذلك كله لم يأت بنتيجة تذكر، وساد بين المسيحيين اعتقاد باطل بأن الطاعون لم يكن يمس اليهود بسوء. وربما كانت الحمى في بعض المدن أقل فتكاً باليهود منها بالمسيحيين. تبعاً لاختلاف القوانين الصحية والرعاية الطبية (٣٨) , ولكن في بعض الأماكن مثل فيينا، راتسبون، أفنيون، روما، عانى اليهود من الطاعون ما عانى