إذا دفعوا هذه الغرامة، وفوقها مبلغ ١٠ آلاف جيلدر بصفة كفالة (٢٥٠. ٠٠٠ دولار؟). فأجاب اليهود بأن هذا المبلغ (١٨. ٠٠٠ جيلدر) يزيد على كل ما تبقى لهم من ممتلكات، ومن ثم يتعذر عليهم دفعه. وقضوا في السجن عامين آخرين. ثم أطلق سراحهم بعد أن أقسموا اليمين بألا يغادروا راتسبون وألا يحاولوا الانتقام. على أن رجال الدين أهاجوا الشعور لطردهم وهددوا بالحرمان من الكنيسة كل تاجر يبيع اليهود شيئاً. ولم يبق في سنة ١٥٠٠ سوى ٢٤ أسرة يهودية، وطرد هؤلاء في ١٥١٩ (٥٠).
ووصف طرد اليهود من أسبانيا، فيما أسلفنا من قبل، بأنه عملية مهمة بالنسبة لتاريخ تلك البلاد. وتجدد في البرتغال اضطهادهم عندما سمح البابا كليمنت السابع، بتحريض من شارل الخامس، للأساقفة البرتغاليين بإنشاء محكمة التفتيش (١٥٣١) بقصد فرض الشعائر المسيحية على "المسيحيين الجدد"، ومعظمهم من اليهود الذين كانوا قد عمدوا رغم إرادتهم. وطبق قانون توركيمادا الصارم، وبثت العيون والأرصاد لملاحظة ارتداد أي من المتنصرين إلى شيء من الطقوس الدينية اليهودية، وسجن الألوف من اليهود، وحرمت عليهم الهجرة، لأن مهامهم الاقتصادية كانت لا تزال ضرورية للاقتصاد البرتغالي. وحرم على المسيحيين شراء شيء من أملاك اليهود منعاً لهم من الهرب، وأرسل مئات من هؤلاء إلى المحرقة لمحاولتهم مغادرة البلاد، وصعق كليمنت لهذه الإجراءات، وربما أثرت فيه هدايا اليهود، فأبطل سلطة محكمة التفتيش البرتغالية، وأمر بإطلاق سراح كل من أمرت بسجنهم، وإعادة بضائعهم المصادرة. ونص مرسومه الصادر في ١٧ أكتوبر ١٥٣٢ على بعض مبادئ إنسانية للتعامل مع المرتدين عن المسيحية.
لما كانوا قد سيقوا إلى التعميد قسراً، فلا يجوز أن يعتبروا أعضاء
في الكنيسة. وإن في معاقبتهم على الهرطقة والانتكاس
إلى شعائرهم الأولى، خرقاً لمبادئ الإنصاف والمساواة،