بمثابة مقدمة أو لحن مصاحب لانتصارات الحب. إن الجمال الفكري: جمال النظام والتخطيط والاتساق، بسمو على الجمال المادي أو جمال الجسم، هذا ما حاول "الحوار" أن يدلل عليه. إن أسمى الجمال هو النظام والتخطيط والاتساق في الكون، وهذا هو المظهر الخارجي للجمال الإلهي. وينشأ الحب على مراحل: من الإعجاب والسعي وراء الجمال المادي فالجمال الفكري فالجمال الإلهي، ويبلغ ذروته في حب الله فكراً وعقلاً، أي فهم النظام الكوني وتقديره حق قدره، والرغبة في الاتحاد مع الله، وربما كانت مخطوطة هذا الكتاب معروفة لدى كاستليانو الذي أجرى على لسان "بمبو Bembo" حديثاً يهدف إلى مثل هذه الغابة، في "البلاط Cortigiono" (١٥٢٨) أما الكتاب المطبوع فربما وجد سبيله عبر قرن من الزمان إلى يدي سبينوزا ليتأثر بفكرته عن "الحب العقلي لله" (٨٠).
وفضل يهود البرتغال المشتتون على هذا الحب السماوي، الشعر المنثور المشبوب العاطفة باللغة البرتغالية، في قصيدة أوسك Usque: " عزاء لأحزان إسرائيل"(فيرارا ١٥٥٣). فقد صور تعاقب الانتصارات والكوارث على الشعب اليهودي، وواساه بأنه لا يزال "شعب الله المختار". فقد عاقبهم الله آثامهم، ولكن آلامهم طهرتهم، ومهما أوتى الإنسان من قوة رهيبة وحشية، فلن يستطيع أحد أن يخدعهم ويصرفهم عن مصيرهم الإلهي إلى السعادة والمجد.
وتراخى اليهود عن الإسهام في حركة العلوم تراخياً لم يكن منه مناص، بسبب الأحداث والتقلبات التي عاناها الشعب، والتي طال أمدها. ولم يكن التعرض للخطر والفقر وعدم الاستقرار، هي وحدها التي عوقت الجهود العلمية، ولكن واحداً من أجل الأحبار وأعظمهم نفوذاً، هو سليمان بن إبراهام بن أدربت، في برشلونه، كان في بداية هذه الفترة، قد حرم - تحت طائلة "الحرم، أو الحرمان الديني"- تدريس العلوم أو الفلسفة لأي