انتهى به المطاف في تونس، وهناك تعزى في أخريات حياته بكتابة تاريخ قومه. أما تلميذه يوسف فسنهو Vecinho، طبيب جون الثاني ملك البرتغال، فقد أرسل ليرسم خطوط العرض وانحراف الشمس على ساحل غينيا. وأثبتت الخرائط التي أعدت أنها ذات قيمة كبيرة لفاسكو دا جاما. وكان فسنهو عضواً في اللجنة التي أحال إليها جون الثاني مقترحات كولمبس للبحث عن طريق من الغرب إلى جزر الهند (١٤٨٤) وشارك في قرار الرفض (٨١).
وظل الأطباء اليهود أفضل من يجد الناس في البحث عنهم ويلتمسون عندهم البرء في كل أوربا. وعلى الرغم من إزعاجهم بالإدانات والاتهامات الدينية والقيود الرسمية والمخاطرة بحياتهم في معالجة ذوي الشأن من المسيحيين، كانوا ذوي حظوة لدى البابوات والملوك. ولم تكن إضافاتهم آنذاك إلى علم الطب بارزة، باستثناء إضافات دي أورتا إلى طب المناطق الحارة، ولكن أماتوس لوسيتانوس ضرب مثلاً لتقاليد مهنته وتقاليد قومه. وأخرجته محكمة التفتيش من البرتغال التي كان قد أخذ منها اسمه اللاتيني، فعاش متنقلاً من أنتورب إلى فيرارا إلى روما، ثم استقر به المقام في أنكونا (١٥٩٤) حيث كان كثيراً ما يستدعي لعلاج نفس البابا جوليوس الثالث الذي ناضل من أجل تحطيم التلمود. وكان، حتى آخر حياته، يستطيع أن يقسم أنه لم يكن يهتم قط بالمكافأة ولم يقبل قط أية هدية قيمة، وأنه كان يخدم الفقراء بلا أجر، وأنه لم يكن يفرق في ممارسة مهنته بين مسيحي أو يهودي أو تركي، وأن أية صعاب، مثل بعد المكان أو عدم ملاءمة الوقت، لم تكن لتثنيه عن تلبية أي نداء. وكشفت سجلات عمله (١٥٦٣) عن سبعمائة حالة كان قد عالجها، وكان الأطباء في كل أوربا يدرسون هذه المذكرات ويقتنونها، ودعا ملك بولندة أماتوس ليكون طبيباً خاصاً له، ولكنه آثر أن يبقى في أنكونا. ولكنه أرغم في ١٥٥٦ على استئناف تجواله، عندما طالب بول الرابع كل يهود إيطاليا بالتحول إلى المسيحية أو الإلقاء في السجون.