للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التركيب) يدل على أن العلم به قد أتى إلى أوربا الغربية من العرب- وهذا معناه أنه جاء إليها من الهند لا من اليونان (١١)، وأبطال هذا الميدان من الهنود هم- كما في علم الفلك- آريا بهاتا وبراهما جوبتا وبهاسكارا؛ ويظهر أن أخيرهم (ولد سنة ١١١٤ م) قد ابتكر العلامة الجذرية وكثيراً غيرها من الرموز الجبرية (١٢)، وهؤلاء الرجال هم الذين ابتكروا فكرة الكمية السلبية التي كان يستحيل الجبر بغيرها (١٣)، وصاغوا القواعد التي يمكن بها إيجاد التباديل والتوافيق، وحسبوا الجذر التربيعي للعدد ٢، وحلوا في القرن الثامن الميلادي معادلات غير متعينة من الدرجة الثانية، كانت تجهلها أوربا حتى أيام "يولر" بعد ذلك بألف عام (١٤)، ولقد صاغوا علمهم هذا في قالب شعري، وخلعوا على مسائل الرياضة رشاقة تميز العصر الذهبي في تاريخ الهند، وهناك مثلين يوضحان الجبر في صوره البسيطة عند الهنود:

"هناك خلية من النحل، استقر خمسها على زهرة كادامبا، وهبط ثلثها على زهرة سلنذرة، وطار ثلاثة أمثال الفرق بين هذين العددين إلى زهر الكوتاجا، وظلت نحلة واحدة- وهي كل ما تبقى- حائمة في الهواء فأنبئيني أيتها المرأة الفاتنة عدد النحل كله … لقد اشتريت لك يا حبيبتي هذه الياقوتات الثماني، والزمردات العشر، واللؤلؤات المائة، التي ترينها في قرطك، واشتريتها بأثمان متساوية، وكان مجموع أثمان الأنواع الثلاثة من الأحجار الكريمة أقل من نصف المائة بثلاثة، فأنبئيني ثمن كل منها أيتها المرأة المجدودة" (١٥).

غير أن الهنود لم يكونوا على هذه الدرجة من التوفيق في الهندسة؛ ولو أن الكهنة استطاعوا في قياس مذابح القرابين وبنائها أن يصوغوا النظرية الفيثاغورسية (التي مؤداها أن المربع المنشأ على وتر المثلث القائم الزاوية يساوي مجموع المربعين المنشأين على الضلعين الآخرين) قبل ميلاد المسيح ببضع مئات من السنين (١٦) وكذلك استطاع "آريا بهاتا"- وقد يكون متأثراً باليونان في ذلك-