للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مقدرة كبيرة في نقده لطريقة بطليموس. وبحث، ولكنه رفض، الفرضية القائلة بأن الشمس هي مركز الكون بطريقة توحي بأن قلة قليلة من الناس كانت تشايعه في عصره. وهذب آلة التصوير القاتمة واستخدمها مع العصا التصالبية ليحدد، بشكل أدق، الاختلافات في القطر الظاهر للشمس والقمر.

وكما أن علوم بن جرسون نبعت عن الرياضيين والفلكيين العرب، كذلك كانت فلسفته مبنية على دراسة نقدية للتعليقات التي وضعها ابن رشد في شروحه لفلسفة أرسطو. ودون ليفي فيما بين عامي ١٣١٩ - ١٣٢١ تعليقاته ابن رشد، استوعب فيها رسائل أرسطو في المنطق والفيزياء والفلك والأرصاد الجوية وعلم النبات وعلم الحيوان وعلم النفس والميتافيزيقا، وأضاف إلى هذه الدراسات بطبيعة الحال قراءاته العديدة المتكررة لابن ميمون. وجمعت فلسفته ومعظم دراساته في العلوم في مؤلف بالعبرية وضع عنوانه بأسلوب عصره "معارك الله" Battles of the Lord (١٣١٧ - ١٣٢٩) ، وهو يأتي في المحل الثاني بعد كتاب ابن ميمون "دلالة الحائرين" في الفلسفة اليهودية في العصور الوسطى، ويتابع محاولة ابن ميمون في التوفيق بين الفكر اليوناني والعقيدة اليهودية. فإذا تدبرنا الجهود المشابهة التي قام بها ابن رشد وتوماس الأكويني للتوفيق بين الإسلام والمسيحية وبين أرسطو، لكدنا نقول بأن أثر أرسطو على لاهوتيات العصور الوسطى كان فاتحة انحلالها وتفسخها، وبداية الانتقال من عصر الإيمان إلى عصر العقل. وسعى جرسونيدس إلى التخفيف من امتعاض المتدينين بالإعلان عن استعداده للتخلي عن أفكاره وآرائه إذا ثبت أنها مناقضة للكتاب المقدس- وتلك حيلة أو مراوغة يلجأ إليها العلماء. على أنه استخدم العقل إلى مدى بعيد، في أبحاثه عن الله والكون وأبدية العالم وخلود النفس، ولما تعارضت نتائجه مع الكتاب