وأضعف سياسياً، من ذي قبل. فقد أنتج العمال السلع التي كانت تصدر ثمناً للكماليات المستوردة التي جعلت حياة نفر قليل من الناس مشرقة باسمة ناعمة.
واتسم الصراع بين الطبقات بمرارة، قل أن عرف لها مثيل منذ عهد سبارتاكوس (زعيم ثورة العبيد ٧١ ق. م.) وخير شاهد على ذلك ثورة الأهالي في أسبانيا، وحرب الفلاحين في ألمانيا، وثورة كت Ket في إنجلترا. وكثرت الإضرابات، ولكنها كانت تخمد بائتلاف أرباب العمل مع الحكومة. وفي ١٥٥٨ قررت نقابة عمال النسيج التي كان يسيطر عليها السادة أن أي عامل يرفض العمل بمقتضى الشروط التي يضعها رب العمل يسجن لأول مخالفة، ثم يضرب بالسياط ويوصم بالعار في الثانية. وكانت قوانين التشرد في عهد هنري الثامن وإدوارد السادس من القسوة والوحشية إلى حد أن قلة قليلة من العمال تجاسروا على أن يوجدوا متعطلين بلا عمل. ونص قانون ١٥٤٧ على أن أي عامل قادر من الناحية الجسمانية يترك عمله ليتسكع في البلاد كالمتشردين، يجب أن يدمغ صدره بحرف " V" ( الحرف الأول من Vagabond متشرد)، ويدفع به بوصفه عبداً رقيقاً إلى أحد المواطنين في الجهات المجاورة، لمدة عامين، ليعيش على "الخبز والماء وقليل من الشراب وحثالة اللحم"، فإذا لم يرتدع وتكرر منه التشرد، دمغ على خده أو جبهته بحرف " S" (Slave عبد) وحكم عليه بالاسترقاق طيلة حياته (٩). وبفضل الشعب الإنجليزي، وكان فخراً وشرفاً له، أنه لم يمكن تطبيق هذه الإجراءات وسرعان ما أبطلت، ولكنها تكشف عن طباع حكومات القرن السادس عشر. وأصدر جورج دوق سكسونيا قراراً بالا ترفع أجور عمال المناجم في منطقته، وألا يسمح لعامل بترك عمله للبحث عن عمل في مكان آخر، وألا يستخدم رب العمل عاملاً كان قد أثار الاستياء في منجم