صغيرة، وفتت أنفه، واقتلع عينيه، وحطم فكيه، ومرغ رأسه في الوحل، وجعله يموت ألف مرة قبل أن يفارق الحياة (١٨).
وهناك إلى جانب القوانين التي شرعت للجرائم، وضعت "القوانين الزرقاء أو قوانين المتطهرين" ضد اللهو والتسلية التي يظن أنها تجافي التقي والورع، أو البدع التي تنافي العرف بشكل حاد، فقد اقتضى القانون العرفي في العالم الكاثوليكي أكل السمك في أيام الجمعة، كما اقتضته قوانين الدولة في إنجلترا البروتستانتية في عهد إدوارد السادس دعماً لصناعة صيد الأسماك، وتدريباً للرجال على ركوب البحر من أجل الأسطول (١٩). وكان الميسر دائماً غير مشروع، ودائماً شائعاً مرغوباً فيه. وأمر فرانسوا، الذي عرف أساليب اللهو والتسلية، بالقبض على من يلعبون الورق أو النرد في الحانات أو نوادي الألعاب (١٥٢٦) ولكنه أباح إقامة "يانصيب" عام (١٥٣٩). وقلما كان القانون يعاقب على إدمان الخمر، على حين اعتبر البطالة والخمول جريمة رئيسية تقريباً. أما قوانين التبذير أو الإنفاق بسخاء- وهي التي وضعت لضبط الأغنياء الجدد الذين ينفقون إنفاقاً مريباً يدعو إلى الاشتباه، والمحافظة على فوارق الطبقات، فقد حددت هذه القوانين، الأزياء والزينة والأثاث ووجبات الطعام وواجبات الضيافة. ويقول لوثر "عندما كنت صبياً كانت الألعاب محرمة، حتى أن صانعي أوراق اللعب، والعازفين على المزمار والممثلين لم يكن يسمح لهم بشهود الأسرار المقدسة. أما من كانوا قد اشتركوا في الألعاب، أو حضروا حفلات الألعاب أو الروايات، فكانوا يجعلون هذا موضوع اعتراف أمام القسيس"(٢٠). وعاشت هذه المحرمات بعد الإصلاح الديني. وبلغت ذروتها في أخريات القرن السادس عشر.
وثمة بعض العزاء في أن التطبيق قل أن كان على قدر صرامة القانون،