الأساتذة) لم يدمروا شبابي" (١٣). ووجهت قوة الجامعة وسلطانها كله، لا لمقاومة البرتستنت الفرنسيين فحسب، بل الإنسانيين الفرنسيين أيضاً.
وبذل فرانسوا الأول ما وسعه لحماية الثقافة الفرنسية من مثبطات المحافظين المنبعثة من السوربون. وكان قد شرب من خمر إيطاليا والتقى ببعض رجال الكنيسة ممن تعمقوا أدب اليونان والرومان. وبحض من جيوم بوديه، والكردينال جان دبليه، ومارجريت المثابرة في غير كلل-قدم المال لإنشاء مدرسة مستقلة عن الجامعة (١٥٢٩)، متفرغة بوجه خاص للدراسات الإنسانية. وبدئ بتعيين أربعة من "الأساتذة الملكيين" اثنان منهم لليونانية واثنان للعبرية، وسرعان ما أضيفت كراس للاتينية والرياضات والطب والفلسفة. وكان التعليم فيها مجاناً (١٤). وأصبحت هذه "الكلية الملكية" التي عدل اسمها فيما بعد إلى "كلية فرنسا" باعثة النشاط في الدراسات الإنسانية الفرنسية، وملاذ العقل الفرنسي الذي يجمع بين الحرية والنظام.
أما أسبانيا فقد قيض لها جامعات ممتازة برغم تحمس الدولة الكاثوليكية التقليدية، فكان عددها أربع عشرة عام ١٥٥٣، شملت ما أسس منها حديثاً في طليطلة وسنتياجو وغرناطة. أما جامعة سلامنكا التي ضمت سبعين أستاذاً و٦٧٧٨ في عام ١٥٨٤ فتثبت للمقارنة بأية جامعة أخرى من جامعات ذلك العهد. وأما جامعات إيطاليا فقد واصلت ازدهارها، فكان بجامعة بولونيا في ١٥٤٣ سبعة وخمسون أستاذاً بكلية الآداب، وسبعة وثلاثون بكلية الحقوق، وخمسة عشر بكلية الطب. وكانت بادوا مقصد الطلاب المغامرين الوافدين من شمال الألب. وقدمت بولندة الدليل على عصرها الذهبي بقولها ١٥. ٣٣٨ طالباً دفعة واحدة في جامعة كركاو (١٥)، وفي بوزنان خصص "اللوبرانسكياموم" الذي أنشأه الأسقف يوحنا لوبرانسكي (١٥١٩) للأبحاث والدراسات الإنسانية.