وفي إنجلترا كانت بعض النساء المثقفات-كبنات مور، وجين جراي، و "ماري الدموية"، وإليزابيث-مضرب المثل في سعة المعرفة والإطلاع.
وينتمي إلى هذا العصر معلمان شهيران. أما أقلهما شأناً فهو السير توماس إليوت، الذي وضع في كتابه "الحاكم"(١٥١٣) خطة تعليم تيسر إعداد الطلاب العريقي النسب للاشتغال بشئون الحكم. وقد بدأ كتابه بنقد الفجاجة الثقافية التي يتردى فيها نبلاء الإنجليز، وقارنهما بما روي عن ثقافة رجال الأعمال عند اليونان والرومان، ونقل ما روي عن الفيلسوف الكلبي ديوجين "حين رأى رجلاً جاهلاً جالساً على حجر فقال: انظر كيف يجلس حجر على حجر"(١٦).
وفي رأي إليوت أن الصبي متى بلغ السابعة يجب أن يعهد به إلى مرب يختار بعناية، فيعلمه مبادئ الموسيقى والتصوير والنحت، حتى إذا ناهز الرابعة عشرة تعلم وصف الكون والمنطق والتاريخ، ودرب على المصارعة والصيد والرمي بالقوس الطويل والسباحة والتنس، دون كرة القدم لأنها لعبة سوقية "ليس فيها غير الثورة الوحشية والعنف الظاهر". ويجب أن يعلم الصبي الآداب القديمة في كل مرحلة من مراحل تعليمه-فيبدأ بالشعراء، ثم المؤرخين، ثم القواد، ثم الفلاسفة، ويضيف إليوت إلى هذا الكتاب المقدس، وتكاد الإضافة تبدو فكرة لاحقة، وهو بهذا يعكس الخطة التعليمية التي وضعها لوثر. ويفضل إليوت الآداب القديمة على الكتاب المقدس برغم توكيداته. فهو يقول "رباه، يا لها من حلاوة لا نظير لها في كلمات كتب أفلاطون وشيشرون، وفي مادة هذه الكتب التي جمعت بين الرزانة والعذوبة، واقترنت فيها الحكمة الرائعة بالبلاغة الإلهية، والفضيلة المطلقة باللذة التي لا تصدق"، وهكذا "فإن هذه الكتب تكاد تكفي في ذاتها لإعداد الحاكم الكامل الممتاز (١٧) ".
أما ثاني المعلمين وهو جوان فيف، أكثر الأدباء الإنسانيين إنسانية،