يونانية وترجم حكم أبقراط إلى اللاتينية. وانزلق برضاه إلى تيار الدراسات الإنسانية الذي كان يومها في عنفوان تدفقه في ليون. وفي ٣٠ نوفمبر ١٥٣٢ بعث بنسخة من "يوسيفوس" إلى إرزمس بخطاب زلفى يستغرب من رجل في السابعة والثلاثين، ولكنك تشم في رائحة ذلك العصر الجياش بالحماسة:
"بعث إلى جورج دارمناك مؤخراً … بتاريخ فلافيوس يوسيفوس … وطلب إلى … أن أرسله إليك. وقد تحينت هذه الفرصة مشتاقاً، يا أكثر الآباء إنسانية، لأدلل لك بالتقدير الشاكر على احترامي العميق لك وعلى ولائي البنوي. أقول هل دعوتك بأبي؟ أجدر بي أن أدعوك بأمي لو اتسع لذلك صدرك. فكل ما نعرف عن الأمهات، اللائي يغذين ثمرة بطونهن قبل أن يرينها وقبل أن يعرفن حتى ما ستكون عليه، واللائي يرعينها ويحمينها من قسوة الجو، كل هذا صنعته أنت بي، أنا الذي لم يكن وجهي معروفاً لك ولا كان اسمي المغمور ليستطيع أن يستهويك. لقد ربيتني وغذوتني من ذلك الصدر الطاهر، صدر معرفتك المقدسة. وكل ما أنا عليه، وكل ما أساويه، إنما أنا أدين به لك وحدك. ولو لم أجهر بهذه الحقيقة لكنت أشد الناس عقوقاً. تحية مرة أخرى أيها الأب المحبوب، يا شرف وطنك، ويا عماد الأدب، ويا نصير الحقيقة الذي لا يقهر"(٢٤).
وفي نوفمبر من ذلك العام (١٥٣٢) نجد رابليه طبيباً في الأوتيل- ديو، وهو مستشفى مدينة ليون، يتقاضى راتباً قدره أربعون جنيهاً (١٠٠٠ دولار؟) في العام. ولكن يجب ألا نحسبه عالماً أو طبيباً مثالياً. صحيح أن ثقافته كانت منوعة وهائلة. فيبدو أنه كان كشكسبير له معرفة مهنية في ميادين شتى- كالقانون والطب والأدب واللاهوت والطهو والتاريخ والنبات والفلك والميثولوجيا. وهو يشير إلى مئات الأساطير القديمة، ويقتبس من عشرات المؤلفين القدامى، ونراه أحياناً