يعرض علمه الواسع عرض الهواة. ولكنه شغل بالحياة شغلاً لم يتح له وقتاً لبلوغ الدقة الشديدة في دراسته، ولم تكن الطبعات التي نشرها نماذج تحتذي في دقة التفاصيل. لم يكن في طبعه أن يكون أديباً إنسانياً متفانياً كإرزمس أو بوديه، فلقد كان يحب الحياة أكثر من الكتب. والصورة التي تركت لنا عنه صورة رجل تروع الناظر طلعته، فارع القامة حلو الوجه، ينبوع للثقافة ومحدث يشع نوراً وناراً (٢٥). ولم يكن سكيراً كما استنتجت خطأ رواية قديمة متواترة من تحياته للسكارى ومن خمرياته. بل إنه على العكس عاش عيشة مهذبة غلى حد معقول، هذا إذا استثنينا طفلاً غير شرعي أنجبه، (٢٦) ولم يعش سوى فترة قصيرة بحيث يمكن اعتباره خطيئة بسيطة. وقد كرمته أسمى عقول جيله، بما فيهم نفر عديد من أحبار الكنيسة. وكان في الوقت نفسه يتصف بكثير من صفات الفلاح الفرنسي، فيجد لذة في أنماط الفلاحين الصرحاء المرحين الذين يلقاهم في الحقول وال شوارع ويستمتع بفكاهاتهم وضحكهم وبقصصهم الطويلة وعباراتهم البذيئة المتفاخرة. وقد طغت شهرته دون عمد منه على شهرة إرزمس لأنه جمع هذه القصص، وربط بينها، وحسنها، ووسعها، وأضفى عليها الكرامة بالعلم الكلاسيكي ورفعها إلى مقام الهجاء البناء، وضمنها في حرص ما حوته من فحش وبذاءة.
ومن هذه القصص قصة كانت آنئذ ذائعة في كثير من أنحاء الريف، روت أخبار مارد لطيف يدعى جارجانتوا، وتحدثت عن شهيته الوحشية، وعن غرامياته ومظاهر قوته العظيمة، وكانت تنتشر هنا وهناك تلال وصخور ذكرت الروايات المحلية أنها تساقطت من سلة جارجانتوا أثناء مروره. وكانت هذه الأساطير لا تزال تروى في عام ١٨٦٠ في الكفور الفرنسية التي لم تسمع قط برابليه. وقد دون كاتب مجهول- ربما كان رابليه نفسه- على سبيل التفكه بعض هذه الخرافات وطبعها