المفترى عليهم، (لأنه إليكم أنتم دون سواكم أهدي كتاباتي) … لو أنكم تأملتم شكل سقراط وقدرتموه حسب مظهره الخارجي لما ساوى في نظركم قشرة بصلة … إنكم يا تلاميذي الطيبين وغيركم من الحمقى المرحين، المؤثرين الراحة والدعة، إذ تقرءون العناوين السارة لبعض الكتب التي نخترعها … تتسرعون في الحكم بأنه ليس فيه سوى النكات والدعابات الساخرة والحديث الفاجر والأكاذيب المروحة عن النفس … ولكن … حين تطلعون على هذا المقال ستجدون … تعليماً ذا تفكير أعمق وأكثر تجرداً … سواء فيما يتصل بديننا أو شئون الحكم العام والحياة الاقتصادية … وقد يتكلم أحمق مغرور مشوش العقل بشر عن كتبي، فلا تعبأوا به، وامرحوا الآن يا أبنائي، واشرحوا صدوركم، واقرأوا بابتهاج … هيا إلى آخر كلمة".
وهذا الكلام منقول عن ترجمة أوركهارت الشهيرة، التي تتجاوز الأصل أحياناً، ولكنها هنا تلتزمه بدقة، حتى لتذكر الكلمات العنيفة التي لم يعد مسموحاً بها في حديث المثقفين. وفي هاتين الفقرتين تطالعنا روح رابليه وهدفه: الهجاء الجاد مغلفاً في تهريج يخفف من عنفه، وملطخاً أحياناً بسناج خالص. ونحن نمضي في هذه المغامرة على ما فيها من خطر، شاكرين لأن الكلمة المطبوعة لا تنبعث منها رائحة خبيثة، آملين أن نعثر وسط هذا الكوم من القمامة على بعض الأحجار الكريمة.
ويبدأ جارجانتوا بسلسلة نسب فريدة تحاكي أنساب التوراة شكلاً. أما أبو المارد فهو جرانجوزييه ملك يوتوبيا، وأما أمه فهي جارجاميل، حملته أحد عشر شهراً، ولما بدأت آلام مخاضها اجتمع أصدقاء الأسرة ليسمروا وهم يحتسون النبيذ، زاعمين أن الطبيعة تكره الفراغ. ويقول الأب الفخور لزوجته بلهجة من لا يعرف الألم "أمضى بشجاعة النعجة؛ وأخرجي لنا هذا الغلام بسرعة، وسنعكف بعدها على العمل فوراً …