للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دفعه راهباً وقسيساً وأعزب لافتقاره طول حياته إلى الحنان.

وقد اختلف المتشيعون له في أمره، أهو كاثوليكي أم بروتستنتي أم حر التفكير أن ملحد. فهو في رأي كالفن ملحد. أما عاشقه أناطول فرانس فينتهي إلى هذا الحكم "في اعتقادي أنه لم يصدق في أي شيء" (٣٤). وكان أحياناً يكتب كأشد ما يكون الكلبيون سخرية من الناس واحتقاراً لهم، كما ترى في لغة الغنام في حديثه عن أمثل الطرق لإخصاب الحقول (٤ - ٧). كان يتهكم بالصوم، وبصكوك الغفران، وبرجال محاكم التفتيش، وبالمراسيم البابوية، ويلذه شرح الشروط التشريحية المطلوبة في المرشح للبابوية (٤ - ٤٨). ويبدو أنه لم يؤمن بالجحيم (٢ - ٣٠). وتراه يردد حجج البروتستنت الذي قالوا إن البابوية تنزح أموال الشعب (٤ - ٥٣)، وأن كرادلة روما يحيون حياة البطنة والنفاق (٤ - ٥٨ - ٦٠). وكان يتعاطف مع المهرطقين من الفرنسيين، وقد قال إن بنتاجرويل لم يطل مكثه في تولوز لأن القوم هناك "يحرقون حكامهم أحياء كما تشوي الرنجة الحمراء". - مشيراً بذلك إلى إعدام أستاذ قانون مهرطق (٢ - ٥) ولكن يبدو أن ميوله البروتستنتية اقتصرت على الإنسانيين من البروتستنت دون غيرهم. ولقد تبع إرزمس في إعجاب، ولكنه لم يمل إلى لوثر إلا في اعتدال، وقد صدف في اشمئزاز عن جزمية كالفن وغلوه. كان يتسلح في كل شيء إلا عدم التسامح، وكان كجميع الإنسانيين إذا أكرهوا على الاختيار يؤثر الكاثوليكية بأساطيرها وعدم تسامحها وفنونها، على البروتستنتية بقدريتها وعدم تسامحها ونقائها. وكثيراً ما أكد إيمانه بالعقائد الأساسية في المسيحية، ولكن لعل هذا كان من قبيل الحصانة في رجل كان على استعداد في سبيل الدفاع عن آرائه لأن يلقى عقاب الحرق دون سواه. وقد أحب تعريفاً لله حباً جعله (أو جعل من أكمل كتابه)، يعيده غير مرة (٣ - ١٣، ٥ - ١٤٧). ويبدو أنه آمن بخلود النفس